أحدث الأخبار
  • 01:19 . الجيش الأمريكي يعلن تدمير أربع مسيّرات للحوثيين فوق البحر الأحمر... المزيد
  • 01:15 . تقرير: تدفقات الأموال الروسية إلى الإمارات "تباطأت" والأثرياء الروس يفكرون في مغادرة دبي... المزيد
  • 12:58 . إعلام أبوظبي يهاجم السعودية على خلفية فتوى "تُكفر منكري السنّة"... المزيد
  • 12:39 . يشمل "الزواج العلماني".. أكثر من 20 ألف طلب زواج مدني في أبوظبي... المزيد
  • 12:35 . بينهم عناصر من حزب الله.. مقتل 36 عسكرياً بغارة جوية إسرائيلية قرب حلب السورية... المزيد
  • 12:33 . وسط تحذيرات من أزمة إنسانية.. السعودية تعلن إرسال دفعة مساعدات جديدة للسودان... المزيد
  • 12:32 . بني ياس يفوز على الإمارات بثنائية في دوري أدنوك للمحترفين... المزيد
  • 05:18 . المظاهرات تجبر شركة إسرائيلية على بيع مصنعها في بريطانيا... المزيد
  • 05:17 . صور أقمار صناعية تظهر بناء مهبط طائرات على جزيرة يمنية وبجانبه عبارة "أحب الإمارات"... المزيد
  • 11:32 . موسكو تعلن دخول سفن حربية روسية إلى البحر الأحمر... المزيد
  • 10:30 . 111 مليون مستفيد في 105 دول من مبادرات محمد بن راشد العالمية في 2023... المزيد
  • 02:24 . ‫احترس.. هذه العوامل ترفع خطر تضخم البواسير... المزيد
  • 02:07 . إصابة ثلاثة مستوطنين بإطلاق نار على حافلة بأريحا والاحتلال يغلق المدينة... المزيد
  • 01:32 . الجيش الأميركي يعلن تدمير أربع مسيّرات حوثية فوق البحر الأحمر... المزيد
  • 01:28 . حاكم الشارقة يطلق المرحلة الثانية من موسوعة التفسير البلاغي وأولى موسوعات مناهج إفراد... المزيد
  • 01:00 . "الوطني الاتحادي" يعتمد توصية بضوابط موحدة للإعلانات الغذائية الإلكترونية... المزيد

"لن يجوع أحد في الإمارات".. هل كشف كورونا هشاشة الأمن الغذائي أم ضعف الاستثمار الحكومي؟

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 12-05-2020

لا يزال الفيروس الملعون يلقي بحممه على البشرية بلا رحمة منه ولا تلطف. الغذاء كان أحد ضحايا الوباء، إذ تحذر الأمم المتحدة من جوع الملايين عبر العالم. لدينا، في الإمارات الصورة مختلفة رغم الجدل الذي لا يقبل السكون في تفسير ظهور الوباء إن كان بلاء أم ابتلاء. وكوننا مؤمنين بالله عز وجل، فر كثيرون إلى تقديم تفسير ديني لما يحدث، بين "فأذاقهم لباس الجوع والخوف"، وبين "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"، وليس بعيدا عن سنوات يوسف العجاف وخزائن الأرض وحسن التدبير، وصلاة مثيرة للجدل في أبوظبي. فما هو واقع الأمن الغذائي في الدولة، وهل يعاني انتقاصات خطيرة قد تهدد بالجوع، أم أن هناك بنية زراعية وغذائية معتبرة ولكن بدون حسن استثمار، وكيف يمكن فهم تعهد الشيخ محمد بن راشد بأنه "لن يجوع أحد في الإمارات"؟!  

ما هو الواقع الغذائي والزراعي في الدولة؟

تعرف منظمة الأغذية والزراعة العالمية الأمن الغذائي بأنه: "جزء من البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لتمكين جميع الناس في جميع الأوقات من الوصول إلى غذاء كاف وآمن ومغذٍ يغطي الاحتياجات الشخصية للتمتع بوضع صحي جيد". وبحسب مؤشرات الأمن الغذائي العالمي، فإن التقارير الصادرة عام 2018 صنّفت دول مجلس التعاون الخليجي الست ضمن الأكثر أمانا بين الدول العربية، وهي من بين الدول الأكثر أمانا في العالم على مستوى الأمن الغذائي العالمي، رغم تحديات المناخ ووفرة المياه وظروف المزارعين وسياسات الحكومات الزراعية.

 

وزيرة "الأمن الغذائي" في الدولة، كشفت في محاضرة الأسبوع الماضي بمجلس الشيخ محمد بن زايد الرمضاني، حول الأمن الغذائي في الإمارات، أن الدولة تحصل على غذائها من الإنتاج المحلي ومن الاستيراد، ولكنها أقرت أن المصدر الرئيس للغذاء هو الاستيراد، متذرعة بظروف المناخ والمياه. ومن جهته، قال "مجلس الإمارات للأمن الغذائي": إن 568 مصنعاً على مستوى الدولة تنتج 5.96 ملايين طن من الأغذية والمشروبات في الإمارات سنويا.

وكشفت سلسلة مقالات لسامي الريامي في صحيفة "الإمارات اليوم"، عن بنية زراعية وغذائية قوية. وقال الريامي:" أؤكد، وبكل ثقة، أن الإمارات قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الخضراوات، وأصناف عدة من الفواكه أيضاً، وبجودة عالية تستطيع المنافسة عالمياً، وتستطيع سد حاجة جميع المواطنين والمقيمين، بنسبة إن لم تصل إلى 100%، فإنها دون شك تتعدى الـ80%".

لم يتوقف الريامي عند هذا الزعم، بل قدم معلومات مهمة حول الأمر، قائلا:" لدينا ما يتجاوز 800 ألف مزرعة منتشرة في أنحاء الإمارات، تنتج مختلف أنواع الخضراوات، ولا نحتاج معها أن نستورد خضراوات من الخارج".

وتابع: تطور الزراعة في الإمارات "أدى إلى ارتفاع نسبة إسهام الفواكه المحلية إلى 20.3% من إجمالي الكميات المعروضة في أسواق الدولة، بينما بلغ إسهام الخضراوات المحلية 12.2%، خلال أقل من عامين".

مريم المهيري

وقبل 10 أعوام، يقول الريامي صدر تقرير لافت عن مجلس التعاون الخليجي، "حول التنمية الزراعية في دول المجلس، أفاد بأن الإمارات نجحت في الوصول إلى نسبة اكتفاء ذاتي من الإنتاج الزراعي بشكل عام، تصل إلى 50% من حاجة الاستهلاك المحلي، بينما وصلت نسبة الاكتفاء الذاتي من الفواكه إلى 36%، بعد زيادة عدد الأشجار المنتجة إلى نحو 74 ألف شجرة تقريباً، تنتج ما لا يقل عن 40 ألفاً و143 طناً". كما أن مزارع الألبان في الإمارات تستحوذ حالياً على ما يقارب الـ55% من احتياجات السوق المحلية.

وختم قائلا:"نستطيع تأمين احتياجاتنا من الخضراوات داخل الدولة، وبنسبة 100%، ونستطيع كذلك تأمين الألبان واللحوم والأسماك والدواجن بنسب تصل إلى أكثر من 80%". ولكن الريامي وضع عدة شروط ومحددات لذلك، وهي ما سنعرفها بعد قليل.

ما هو الواقع الغذائي في الإمارات في ظل كورونا خاصة؟

قالت الوزيرة المهيري في المحاضرة المشار إليها سالفا، "رأينا أن الغذاء متاح حول العالم، لكن كان هناك بعض الانقطاعات في الشحن الجوي والبحري، فاتخذنا ما يلزم من إجراءات وتواصلنا مع شركات الشحن الجوي الوطنية والموانئ البحرية ووضعنا مسارات بديلة".

وكالة "رويترز" تنبهت إلى الأوضاع الزراعية والغذائية في الإمارات، "بسبب جائحة كورونا، تتطلع مشروعات زراعية تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات لتحقيق نمو كبير مع إغداق السلطات الأموال على هذا القطاع".

وكشفت الوكالة أن الإمارات تعتمد على "الواردات بنسبة تتراوح بين 80 و90 % في سد احتياجاتها الغذائية". وأرفت قائلة: "يأمل المنتجون المحليون أن يتمكنوا من لعب دور أكبر". "فالمنتجات الزراعية المحلية مطلوبة الآن أكثر من قبل في حين أن الواردات الغذائية تأثرت سلبا بإغلاق الحدود والمطارات"، قال مستثمر زراعي لرويترز.

التحديات في استيراد الغذاء، ألجأت السلطات المحلية إلى خفض معايير الأمن الغذائي تحت ضغط الأمن الصحي. فقد أصدرت الإدارة المركزية للحجر الزراعي بوزارة الزراعة المصرية، منشورا جديدا حول شروط التصدير إلى الإمارات. وأكد المنشور أن تصدير جميع المنتجات الزراعية المصرية سيتم إلى الإمارات دون إرفاق شهادة تحليل متبقيات مبيدات مع كل إرسالية، وذلك خلال أبريل وحتى إشعار آخر وبشكل استثنائي.

ومن جهتها، قالت صحيفة "جلف نيوز" الصادرة في الدولة باللغة الإنجليزية، إن العديد من شركات المطاعم في الإمارات بدأت بوضع لافتات "للبيع"، "ما سيسرع ذلك بتدمير صناعة الأطعمة والمشروبات "، وكشفت أنه في دبي، من بين 11 ألف محل تجاري مسجلة كمطعم ومقهى، من غير المرجح أن يبقى ما بين 40-50% في العمل خلال الأشهر القليلة المقبلة، وفقًا لمصادر متعددة في الصناعة"، بحسب الصحيفة.

بكلمة، أخرى، يرى البعض أننا نواجه في الدولة تحديات في توفير الغذاء حتى وإن لم يكن هناك إعلانا رسميا بذلك. والموقف الغذائي يتراوح بين تصريحين، للشيخ محمد بن راشد والشيخ محمد بن زايد. وبينما حاول الأول طمأنة المجتمع بأنه "لن يجوع أحد في الإمارات" معلنا عن إطلاق مبادرة توفير 10 ملايين وجبة، قال الثاني: "إن سلسة الإمداد الغذائي في الإمارات خلال هذه الظروف لن ولم تتأثر، سواء من حيث الإنتاج المحلي أو المخزون أو عبر الاستيراد، ونطمئن الجميع على توفير الغذاء المستدام".

هل للتفسير الديني وجاهة في شرح هذه الأزمة؟

لا يزال الجدل مستعرا في أوساط الرأي العام أن ما أصاب البشرية من وباء وتداعيات إنما هو ابتلاء من الله جزاء ما اقترفت أيدينا. ويقول البعض إن سياسة أبوظبي الخارجية وتدخلها في عدة نزاعات وحروب هو إنذار من الله للقرية التي "أذاقها الله لباس الجوع والخوف"، لعلها ترجع إلى صوابها، في حين يقول آخرون إن حالة أبوظبي ينطبق عليها "فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"، مستدلين أنه لا مجاعة في الدولة من جهة، وأن أبوظبي دعت جميع أتباع الأديان إلى صلاة جماعية للتضرع والابتهال إلى الله لرفع الوباء والبلاء، وهو اعتراف من أبوظبي بالبعد الديني للأزمة رغم أنها تحاول دائما الظهور بمظهر "علماني" وتدعو لفصل الدين عن الدولة، وهو ما أكده يوسف العتيبة في تصريحات له قبل عامين.

مهما يكن من أمر، فإننا بالفعل أمام أزمة، وبغض النظر عن تفسير هذه الجائحة إن كانت "عقابا" أو "مكافأة"، فإن لدينا حقيقيتين: الأولى: أن البنية التحتية الزراعية في الدولة مواتية للاستثمار بما يحقق اكتفاءا ذاتيا، والثانية: أنه لا بد من توقف ومراجعة من جانب أبوظبي وتزيل كل ما يمكن أن يكون سببا للبلاء، على حد قول ناشطين.

ولكن، ما هي الحلول المتاحة للتعامل مع الأزمة سواء أكانت أسبابها فنية أو غيبية؟

الريامي، أكد أن المزارعين، لا يريدون "دعماً مالياً، ولا يريدون خططاً واستراتيجيات و«برزنتيشنات» ونظريات معقدة، وغير مفيدة، بل يريدون حماية قانونية، ويريدون تسويقاً صحيحاً لمنتجاتهم، ويريدون منافذ وأماكن، تحت مظلة ورقابة حكومية لبيع منتجاتهم، ويريدون قوانين وتشريعات تحميهم من المنافسة غير المتكافئة، ويريدون عمليات تنظيمية وتكاملية، وتدخلاً حكومياً في إطار هذا التنظيم.. لا أكثر ولا أقل!"، على حد تقديره.

ولفت الريامي، أنه خلال العشرين عاماً الماضية، ظهرت على الساحة المحلية مئات من شركات التطوير العقاري، في الوقت الذي لم نشهد فيه إنشاء شركة تطوير زراعي شبه حكومية مثلا، "شركة تهتم بالاستثمار في قطاع الزراعة داخلياً،.. ليطوروا إمكاناتهم ومزارعهم، تحقق التكامل من خلال توزيع الأدوار على هؤلاء المزارعين"، على حد قوله.

كما انتقد عدم اهتمام البنوك، أو قلة خبرة موظفيها في هذا النوع من التمويل، إذ يتم في الغالب رفض أي طلب لمشروع قرض زراعي، أو متعلق بالمنتجات الزراعية، مؤكدا أن:" التقنيات متوافرة، والإمكانات جيدة، والكفاءات موجودة، وما ينقصنا فقط هو الدعم والحماية الحكومية، والتخطيط الاستراتيجي الصحيح! تخطيط ودعم الحكومة هو العامل الذي سيصنع الفرق".

إذن، لدينا بنية تحتية زراعية تستطيع توفير الأمن الغذائي في الدولة، فلماذا نستورد نحو 90% من غذائنا ونرهن أمننا بيد دول أخرى. فالمطلوب فقط هو قرار حكومي ضمن توجيهات الشيخ محمد بن راشد الأخيرة بوضع استراتيجية شاملة في كل شؤون الدولة لما بعد كورونا، حتى لا يضطرب الناس من قول "لن يجوع أحد" حتى ولو قيلت على سبيل التطمين!