أحدث الأخبار
  • 07:45 . مجلة أمريكية: المواجهات جنوبي اليمن "حرب بالوكالة" بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:33 . سموتريتش يخصص 843 مليون دولار لتعزيز الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة... المزيد
  • 05:52 . هرتسوغ يهاجم زهران ممداني لانتقاده حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة... المزيد
  • 11:48 . احتجاجات في جوروجيا ضد خطط بناء تنفذها شركة إماراتية... المزيد
  • 11:33 . "التعاون الخليجي" يستنكر تصريحات إيران حول جزر الإمارات المحتلة... المزيد
  • 11:22 . الغارديان: استيلاء حلفاء أبوظبي على جنوب اليمن يمثل انتكاسة كبيرة للسعودية... المزيد
  • 11:02 . أوكرانيا.. إصابة سبعة أشخاص على الأقل جراء قصف روسي بالمسيرات... المزيد
  • 10:47 . الأبيض الأولمبي يفوز على اليمن بثلاثية في كأس الخليج بقطر... المزيد
  • 10:46 . بينما يحتفي المطورون العقاريون بـ2025.. "نزوح صامت" نحو الإمارات الشمالية ومخاوف من "طوفان المعروض"... المزيد
  • 12:10 . تقرير: دبي دفعت 23 مليون دولار لمتشددين في مالي مقابل إفراجهم عن شيخ من آل مكتوم... المزيد
  • 08:54 . قطر تؤكد رفض تحمل تكلفة إعمار غزة نيابة عن "إسرائيل"... المزيد
  • 08:39 . إلقاء القبض على زعيم عصابة أوروبية كبيرة في دبي... المزيد
  • 07:15 . نتنياهو: المرحلة الثانية من خطة غزة اقتربت... المزيد
  • 01:02 . صحيفة إسرائيلية: ترامب يضغط بشدة للانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة... المزيد
  • 12:32 . الكويت تقرر سحب الجنسية من الداعية طارق السويدان... المزيد
  • 10:43 . "الأبيض" يحصد أول نقطة في كأس العرب بالتعادل أمام مصر... المزيد

كلمات حق يراد بها باطل

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 05-10-2019

كلمات حق يراد بها باطل | القدس العربي

أصبح من الضروري في أيامنا الصعبة المعقدة التي نعيشها عبر الوطن العربي كله، أن نكون حذرين تجاه بعض الكلمات التي يكثر استعمالها مؤخرا في قاموس الخطاب السياسي العربي. فعلى سبيل المثال لاحظت أثناء محاضراتي عن الشؤون العربية القومية العامة، وسبل الخروج من كوارثها استعمال كلمة «التجديد» بصورة متكررة. البعض يطرح أمر تجديد الفكر القومي، والبعض الآخر يطرح ضرورة تجديد الفكر الإسلامي، إلخ من التجديدات المطلوبة.
لكن المطالبين بالتجديد، لا يحددون جوانب وموضوعات التجديد، الأمر الذي يلقي ظلال الشك على كل ما جاء به ذلك الفكر من مبادئ وحلول، ويضعف إيمان المواطنين، وعلى الأخص الشباب والشابات منهم، بذلك الفكر على إطلاقه. 

وهذا بالضبط ما يسعى إليه التآمر الاستعماري ـ الصهيوني، الذي يسعى إلى إبعاد الشباب العربي عن كل الأفكار الثقافية العربية المشتركة الكبرى، التي تسعى إلى مواجهة التراجعات والأخطار الكارثية في حقول السياسة والاقتصاد والأمن والاجتماع.
فلو أخذنا المطالبة بتجديد الفكر القومي، هل حقا أن الجانب الوحدوي، وحدة الأمة والوطن العربي الكبير، الذي هو أحد الممرات الرئيسية الضرورية لتعافي الأمة من تخلفها الحضاري، وضعفها الاقتصادي والأمني، وهوانها أمام أعدائها الكثيرين، هل حقا أنه يحتاج إلى مراجعة؟ إذا كان المطلوب هو تجديد وسائل ومراحل تحقيق ذلك الهدف القومي، فهذا أمر طبيعي ومقبول، نظرا لتغير الظروف وتعقدها.

 أما إذا كان المطلوب هو تجديد الهدف، وهذا في الواقع سيعني التراجع والقبول بقدر التجزئة والتفتيت لهذه الأمة ولهذا الوطن، فإننا هنا أمام تراجع مذهل في مواضيع هوية الإنسان العربي وتاريخه وآماله المستقبلية المشروعة، بل نحن أمام محاولة التهميش للوجود العربي في حضارة العصر.

أما إذا كان التجديد المطلوب هو إضافة مبادئ الديمقراطية ومكوناتها وممارساتها لتصبح جزءا أساسيا من الفكر القومي، الذي لم يعطها الأهمية الكافية في الماضي، بل اعتبرها البعض ترفا بورجوازيا في وجه المطالب السياسية والاقتصادية الثورية، فإن هذا هو تجديد مطلوب وضروري. 

وهذا ما فعله مثلا مركز دراسات الوحدة العربية، عندما نشر مقترحه المسمى «المشروع النهضوي العربي»، إذ جعل الديمقراطية أحد أعمدة ذلك المشروع.
كذلك، مثلا، لاحظت استعمال كلمة «الآخر» بدون انتباه إلى أن مفهوم الآخر قد تغير بصورة جذرية، ففي الماضي كان الآخر هو الإنسان الغربي، بفكره وعاداته وممارساته السياسية الاستعمارية على الأخص، لكن الحاضر العولمي يقول بأن «آخرين»، وعلى الأخص آسيويين جدد، يصعدون ويحيطون بنا. فهل مواقفنا وتعريفاتنا وشكوكنا السابقة تنطبق على الواقع الجديد؟ وإذا كان الجواب سلبا فما هي المحددات والفروق بين «الآخر» القديم «والآخر» المضاف الجديد؟ 

ذلك في عوالم الفكر والنظريات، ولكن ماذا عن استعمالات متنامية للخلط الواضح المقصود لكلمتي: الشرعية» و»المشروعية». فما أن تخرج مظاهرات جماهيرية احتجاجية ضد مسائل الظلم والفساد والاستبداد والأوضاع المعيشية المتردية، في هذا القطر العربي أو ذاك، حتى ينبري الإعلام الرسمي المهول وبعض الإعلام الخاص البذيء اللسان برفع كلمة «لامشروعية» تلك المظاهرات، بحجة أن هناك قوانين تمنع خروج تلك المظاهرات، أو أن الأوضاع الأمنية حساسة وحرجة. لكن هؤلاء ينسون بأن المشروعية القانونية التي يشيرون إليها يجب أن تخضع لمنطوق كلمة أخرى، وهي كلمة «الشرعية».
فإذا كان النظام شرعيا، أي منبثقا من إرادة الناس بحرية ونزاهة، وبقبول عام، وعن طريق ممارسة ديمقراطية شفافة لا تلاعب فيها، فإن المشروعية القانونية التي يتحجج بها، وترفع في وجوه الجماهير، هي بالفعل مشروعية يجب أن تحترم ويؤخذ بها، لأنها شرعية ومعبرة عن إرادة عامة وقبول حر عام.

 أما إذا كانت هناك ألف علامة من التساؤلات والشكوك حول شرعية السلطة، وحول كفاءتها في إدارة أمور البلاد والعباد، وحول مقدار توازن مكوناتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وحول مقدار وجود توازن عقلي وخلقي ونفسي عند بعض قادتها الأساسيين، فإن رفع شعارات وتهديدات القوانين التي توصف بالمشروعة مملوء بالانتهازية وبممارسة القول الشهير: كلمة حق يراد بها باطل».
هناك أمثلة كثيرة لكلمات أخرى لا تسمح محدودية المقال بذكر أغلبيتها، مما تمتلئ الساحة السياسية العربي بها على الأخص، وهي كلمات مليئة بالغموض ومستعملة بانتهازية من قبل كتاب مدفوعي الأجر بصورة خاصة. والهدف منها هو خلط الأوراق والمفاهيم والأهداف في ذهن الإنسان العربي، وعلى الأخص الجيل الجديد،
ذاك الجيل، الذي ينغمس في عمليات التواصل الاجتماعي بصور متنامية، ويعتمد على ذاته في فهم الخطابات العامة، يحتاج أن يطرح ألف سؤال حول كل كلمة يشتم منها بأنها استعملت للتضليل والإدخال في عوالم التيه الفكري والسياسي.