كتاب غينيس للأرقام القياسية، هو الموسوعة الأشهر في الوقت الحاضر، أرقامها ومعلوماتها محل جدل مستمر، كما أنها مثار اهتمام ومتابعة الجميع وتغطية وسائل الإعلام، ففي محيطي البسيط مثلاً، حرص صاحب مصنع سفن إماراتي على تسجيل إحدى السفن التي أنتجها مصنعه في كتاب «غينيس» كأكبر سفينة خشبية في العالم، وهو فخور بذلك معتبراً إياه إنجازاً عظيماً، وهو كذلك فعلاً، بينما سجلت الشيخة شمة آل نهيان في الموسوعة العالمية بتكوينها أكبر تجمع قرائي نسائي في العالم.
تبدو فكرة الكتاب غاية في العبقرية، رغم أنها كانت مجرد فكرة عابرة خطرت ببال رجل يعمل في مصنع «غينيس»، فخلال رحلة صيد قام بها مع رفاقه، تجادل هيو بيفر حول أسرع طير يستخدم كطريدة في ألعاب الرّماية في أوروبا؟ في تلك اللحظة وهو يقلب هذا السؤال أدرك السّير «بيفر» مدى النجاح الذي قد يحقّقه كتاب يهتم بإعطاء الأجوبة الشافية على هذه الأسئلة.
حكاية نجاح موسوعة «غينيس» شبيهة بكل الأفكار التي بدأت بالطريقة نفسها، السر في تحول الفكرة إلى مشروع ناجح ومستمر يكمن في الإيمان بالفكرة، وبالتدرج بها من مرتبة إلى أعلى، بمعنى متابعتها والتعب عليها، وعدم التخلي عنها عند أول مفترق أو مطب.
إن الإيمان بعدم وجود فكرة سخيفة أو تافهة أو لا قيمة لها هو ما يضخ الحياة فيها ويمنحها أقداماً وأحذية من ريح لتنطلق وتستمر وتكبر وتنزرع في أرض الواقع، ما بعد الإيمان يعتبر وجود أشخاص يعملون ليل نهار وبكل الوسائل هو وصفة النجاح المؤكدة.
لو استعرضنا عشرات المشاريع القوية كدور النشر العريقة في أوروبا، ودور الأزياء العالمية وشركات الصناعات العريقة ووو.. لعرفنا أنها لم تكن في أول الأمر سوى أسئلة وأحلام وأفكار صغيرة لكنها حتماً لم تكن تافهة، ولذلك لم تبق صغيرة.
المستحيل هو ما نعتقد نحن أنه كذلك، أما هيو بيفر فقد طرح سؤالاً وأجاب عنه بالجدية نفسها، حين وضع الموسوعة وطرحها للجمهور لأول مرة عام 1955، ليتصدّر الكتاب لائحة الكتب الأكثر مبيعاً، محققاً رقماً قياسياً عندما باع مئة مليون نسخة في 100 دولة، وبـ37 لغة مختلفة.
حسب ما جاء في مقال نشره موقع «الصدى نت». أن تفكر في كتابة مقال لأول مرة فتلك فكرة، أما أن تتحول إلى كاتب يستمر في الكتابة لأكثر من 18 عاماً فهو تحويل الفكرة لمشروع، وكذلك كل الأفكار الشبيهة، كلنا يمكننا ذلك بكثير من الإيمان وكثير من العمل والاستمرار.
