يروي الصحفي الإسرائيلي زيف تشافيتس -الذي كان مساعدا كبيرا لرئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن- أنه كان عضوا لأول وفد سلام إسرائيلي إلى القاهرة في شتاء 1977، بعد شهر من الرحلة التاريخية التي قام بها الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى إسرائيل، وكيف كان هذا الوقت رائعا بالنسبة له وأنه كان متفائلا بأن السلام مع العالم العربي أصبح الآن في متناول اليد.
ويقول تشافيتس في مقاله بموقع بلومبيرغ (Bloomberg) إنه أعرب عن هذا التفاؤل للجنرال أبرشا تمير زميله في الوفد وأحد أكبر المخططين الإستراتيجيين في إسرائيل، وفوجئ برده عندما قال له "إسرائيل سوف تحتاج دائما على الأقل عدوا واحدا في الشرق الأوسط".
وعلّق الكاتب بأن ملاحظة تمير صدمته لكنه فهم في النهاية حكمتها، وهو يتذكرها اليوم بينما تجلس إسرائيل لأول مرة منذ ربع قرن لتوقيع اتفاقيات سلام مع دولتين عربيتين، وهذه المرة في البيت الأبيض الأميركي.
وأشار إلى أن الشرق الأوسط يشتهر بأنه مكان مثير للنزاع، فلا يكاد يوجد بلد فيه لم يكن في حالة حرب مع جيرانه. فقد تقاتلت مصر والسعودية على اليمن في الستينيات، وحاربت سوريا الأردن في أوائل السبعينيات، وخاضت إيران والعراق حربا وحشية في الثمانينيات، وبعد ذلك غزا العراق الكويت واليوم تقاتل مصر قوات تنظيم الدولة في سيناء.
ويرى تشافيتس أن مشاركة عدو مشترك هي الطريقة التي تكوّن بها الصداقات في الشرق الأوسط، وأن هذا ما أكده حفل التوقيع في واشنطن، فهو لم يكن عرضا للإعجاب المتبادل ولا يتعلق بالمنافع الاقتصادية والتكنولوجية المشتركة التي قد يجلبها السلام، ولا يتعلق الأمر حتى بالانتخابات الأميركية التي تلوح في الأفق.
بل إنه -من وجهة نظر إسرائيل- المصادقة العلنية على تحالف تل أبيب مع صديق ضروري ضد عدو ضروري.
وذلك هو تفسير رؤية الجنرال تمير وكذلك نتيجتها الطبيعية المحلية في إسرائيل، حيث يتضح أن تهديدا إقليميا خطيرا واحدا على الأقل ضروري بالفعل للحفاظ على الاستقرار الداخلي المضطرب لإسرائيل.
وختم الكاتب أنه لحسن حظ التماسك الإسرائيلي، تمكنت إسرائيل من الاحتفاظ ببعض الأعداء كما في غزة وحزب الله وتهديدات الزعيم الإيراني آية الله علي خامنئي ووكلائه، وأنهم هم "العدو الضروري" الذي يراه الجنرال تمير، وفي الوقت الحالي هم أيضا "الغراء" الذي يجعل إسرائيل متماسكة.