أحدث الأخبار
  • 12:48 . علاوة مالية شهرية للأئمة والمؤذنين بقيمة نصف الراتب الأساسي... المزيد
  • 12:24 . الاحتلال يفرج عن مراسل الجزيرة وواشنطن تطالب بمعلومات عن الواقعة... المزيد
  • 11:23 . ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة يرتفعون إلى 31 ألفا و726 شهيدا... المزيد
  • 11:05 . مركز حقوقي: بعض معتقلي "الإمارات 84" أمضوا عامين في السجن الانفرادي... المزيد
  • 03:22 . أسباب عشرة.. لماذا يرفض الإماراتيون التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي؟... المزيد
  • 01:40 . جيش الاحتلال الإسرائيلي يعاود اقتحام مجمع الشفاء الطبي... المزيد
  • 03:26 . برشلونة يهزم أتلتيكو وينتزع وصافة الدوري الإسباني من جيرونا... المزيد
  • 01:24 . تعليقاً على محاكمة "الإمارات 84".. نشطاء وحقوقيون: رسالة مخيفة من أبوظبي لمن يخالف رأيها... المزيد
  • 01:10 . "الخليج لحقوق الإنسان": محاكمة "الإمارات84" هدفها الأساسي إبقاء المعتقلين في السجن والقضاء عليهم... المزيد
  • 12:01 . رويترز: الحذر يشوب معاملات بورصات الخليج قبل اجتماع المركزي الأمريكي... المزيد
  • 11:50 . "بلومبيرغ": صندوق الاستثمارات العامة يسعى للاستحواذ على الخطوط السعودية... المزيد
  • 11:47 . عبدالله بن زايد يجري "زيارة عمل" غير مُعلنة إلى قطر... المزيد
  • 11:45 . كأس إنجلترا.. اليونايتد يُقصي ليفربول ويصعد لنصف النهائي... المزيد
  • 11:12 . لماذا اعتمدت حكومة دبي شعار الإمارة القديم؟... المزيد
  • 10:37 . الجيش الأمريكي يعلن تدمير خمسة زوارق وطائرة مسيرة للحوثيين باليمن... المزيد
  • 01:10 . "استثمار محفوف بالمخاطر".. ما الذي تكسبه الإمارات مقابل ضخ 35 مليار دولار في مصر؟... المزيد

العمالة الوافدة والتركيبة السكانية.. وجهان لمشكلة واحدة فماذا فعلت بهما "كورونا"؟!

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 01-06-2020

ما هو تأثير كورونا على العمالة الوافدة والتركيبة السكانية؟

لقد ترك الوباء تداعيات اقتصادية وحقوقية واجتماعية على التركيبة السكانية التي تتكون من 90% من المقيمين، وسمح بطرح إشكالية التوازن الديمغرافي مجددا، إلى جانب قضايا التوطين والبطالة.

هل تخفيض العمالة الوافدة جزء من الحل أم سيترتب عليه مشكلات أخرى؟

هناك وجهتا نظر.. لقد بتنا في وضع، لم يعد فيه من الإنصاف النظر إلى العمالة الوافدة كعبء وإشكالية بقدر ما هي أيضا قوة استهلاكية وشرائية ومحرك اقتصادي لا يمكن الاستغناء عنه.

 

لطالما طالبنا بإصلاح خلل التركيبة السكانية في الدولة، ولا زلنا نجهر بضرورة إيجاد حل لمعضلة اجتماعية واقتصادية وأمنية وسياسية وحقوقية؛ نشأت نتيجة انفجار العمالة الأجنبية. منذ ظهور هذه الإشكالية قبل عقود، طُرحت حلول ومبادرات حكومية للتقليل من آثارها، ومع ذلك، ظلت كفة العمالة الوافدة هي الراجحة، كميا، بسبب مشاريع وسياسات حكومية أيضا. المصالح المتعارضة لأطراف التركيبة السكانية، دخلت امتحانا صعبا في ظل "كورونا"؛ إذ تكّشف لنا أزمة حقيقية، متداخلة ومعقدة لا يمكن تبسيطها بتنظير. البطالة والتوطين وحقوق العمال والاقتصاد، مفردات رئيسية أجبرنا الوباء على التعامل معها بطريقة وأخرى. في الواقع، يهمنا معالجة مشكلة وطنية محلية، ولكن يهمنا، أيضا، النظر إلى 90% من سكان الإمارات هم المقيمون. فهل الوباء يشكل فرصة لتحقيق توازن ديمغرافي؟! بتساؤل أكثر وضوحا و"تحديا"، هل تخفيض العمالة الوافدة يمكن أن يشكل حلا  لمشكلة دولة الإمارات؟!

ما هي مشكلة التركيبة السكانية في الإمارات.. البدايات ودور الحكومة في مفاقمتها؟

لم يبدأ السجال الديمغرافي في الإمارات مع جائحة "كورونا"، ولا مع تعليقات الإعلامي طارق المحياس المعرف بـ "لاعق الأحذية"، في أبريل الماضي، عندما زعم أن العمالة الآسيوية لا يمكن أن تكون سواسية مع العمالة العربية، معطيا أفضلية للمقيم العربي على الآسيوي تحديدا.

في الواقع، أيضا، إن إجراءات الحكومة ومشروعاتها تشكل السبب الرئيس في اختلال التركيبة السكانية. ففي الوقت الذي تعلن عن خطط التوطين والتصدي لبطالة الإماراتيين ترعى مشاريع لا تراعي استيعابهم، إلى جانب عجزها عن دمجهم في القطاع الخاص، فضلا عن إطلاق مبادرات لاستقطاب فئات من المهاجرين للإقامة في الدولة بهدف الاستقرار. بكلمة أخرى، في موازاة كل مبادرة لحل مشكلة التركيبة السكانية هناك 10 قرارات لجلب المزيد من السكان للدولة، ولم تعد الإشكالية تقتصر على تنافس قوى عاملة، بقدر ما تمتد إلى "تسكين" و"تجنيس" عشرات الآلاف تحت مبادرات ومسميات شتى.

عام 2010، كشفت دراسة دكتوراة، قدمها الباحث الياباني كوجي هورينوكي، في جامعة "كيوتو" اليابانية أن: "خلل التركيبة السكانية سيبقى من أبرز المشكلات التي تواجه المجتمع الإماراتي خلال العقود المقبلة"، مستبعدا الوصول إلى حلول ناجعة قبل 50 عاماً. الباحث كان قد رصد "غياب واضح للعنصر المواطن في جميع الأماكن التي زارها". ورأى "كوجي" أنه لا بد من "الاعتماد بصورة أكبر على العمالة العربية، لتصل نسبتها إلى 50٪ على الأقل من عدد العمالة الوافدة، وذلك حفاظاً على الهوية العربية والإسلامية للدولة".

وأكدت الدراسة، التي نشرتها صحيفة "الإمارات اليوم" آنذاك، أن هدف التوطين لايزال بعيدا، وأن "هذا الخلل يعود إلى بداية تأسيس الدولة عندما بدأت الحكومة في التوسع في القطاعات غير النفطية لتنويع مصادر الدخل، إذ توسعت في الصناعات التحويلية والبناء والخدمات وغيرها، وجميعها قطاعات عمل غير جاذبة للمواطنين بسبب ظروف العمل، على الرغم من أنها قطاعات كثيفة العمالة تحتاج إلى الأيدي الماهرة وغير الماهرة".

كيف أعاد "كورونا" هذه القضية إلى الواجهة.. أزمة مباغتة للجميع؟

استطاع الوباء أن يفترس بوحشية الناس صحيا واقتصاديا واجتماعيا بصورة غير مسبوقة. ومع أنه لم ينتشر ويضرب بلا رحمة على أساس الجنس أو الدين أو اللون أو اللغة أو الجنسية، إلا أنه بالفعل أثار كل هذه الحساسيات في بقاع شتى من العالم، وطفت على السطح الكثير من المواقف التي لاقت تنديدا عالميا بسبب التمييز في تلقي العلاج مثلا، أو تقديم هذه الدولة لمساعدات طبية لدولة بعينها لاعتبارات أيدولوجية.

في دول الخليج، وضمنها الإمارات، كان الطرح على أساس الجنسية، بين أهالي البلاد المواطنين وبين المقيمين الذين يشكلون في الإمارات نسبة 90%، وفي قطر 94% وفي السعودية 80%. وكان من المثير للتناقض، توجيه اتهامات للوافدين أنهم سبب تفشي الوباء في دول الخليج، مع أنهم، أيضا، شكلوا النسبة الكبرى من الأطباء والممرضين والمعالجين الذين تعاملوا مباشرة مع مرضى كورونا الخليجيين والمقيمين سواء.

كان من بين أكثر المشاهد قتامة في هذه الأزمة، هو منع إمارة الشارقة مثلا، دفن ضحايا الوباء في أراضيها. ولا يتسع المقام لسرد شواهد قاتمة في الخليج ، تمثل بعضها بتمرد مقيمين ومحاولتهم إثارة الشغب، فيما استغل رجل أعمال هندي الجائحة في الإمارات واحتال بستة ملايين درهم على شركات وتجار وغادر أبوظبي عبر "رحلة إنسانية" مخصصة لإعادة عمالة هندية إلى بلادها.

وإلى جانب ذلك، هددت حكومة الإمارات بعض الدول الآسيوية، بإعادة النظر في استقبال رعاياها ما لم تبادر هذه الحكومات لإجلاء مواطنيها الراغبين بالعودة إلى بلادهم، إثر إجازات مفتوحة قدمتها القطاعات المعنية في الإمارات لموظفيها حتى انتهاء الوباء.

بكلمة أخرى، لقد كاد الفيروس يعصف بعلاقات سياسية واقتصادية بين الإمارات ودول آسيوية إقليمية كبرى بسبب التفاوت في التعامل مع العمالة الأجنبية. كثير من المراقبين، يقولون إن الهند وباكستان تدعمان التنمية الصاعدة في دولة الإمارات؛ كونها تشكل سوق عمل واسعة لرعاياهما، وبدون ذلك، فقد يكون لهما مواقف أخرى.

ولكن، ما هو واقع العمالة الوافدة في الإمارات الآن.. منظمات دولية تكشف؟!

ملايين العمال الأجانب يشكلون العمود الفقري لاقتصاد الإمارات، ولكن أخذت الشركات تستغني عن عمالها بسبب كورونا وانهيار أسعار النفط. وإلى جانب ذلك، فقد توقعت مؤسسة "ستاندرد آند بورز"، أن اقتصاد أبوظبي سوف ينكمش بنسبة 7.5%، فيما كشف "بنك أوف أمريكا"، أن اقتصاد دبي سوف ينكمش بنسبة 5.5% عام 2020.

وبناء على ذلك، توقعت منظمة العمل الدولية، أن يكون رحيل الوافدين أكبر مما أعقب الأزمة المالية في 2008. وقال ريشارد خولوفينسكي خبير الهجرة إلى الدول العربية لدى منظمة العمل الدولية: إن أعداد المغادرين من الإمارات والكويت وقطر "قد تكون كبيرة جدا".

وإزاء هذا الوضع المتأزم، قال بعض المقيمين لوكالة "رويترز": "نريد العودة إلى بلادنا فما الجدوى من البقاء دون عمل؟".

ومن جهتها، قالت صحيفة "نيويورك تايمز": فيروس كورونا أجبر دول الخليج الثرية على التعامل مع قوة العمل المهاجرة، ما كشف عن "حجم الظلم وعدم المساواة"، على حد قولها. وزعمت الصحيفة: أن العداء ضد العمالة الأجنبية في تزايد مستمر وأصبح صوتها عاليا وكذا الحديث عن كيفية استبدال العمالة الأجنبية بعمالة من المواطنين وإصلاح طرق جلب العمال من الخارج.

أما هبة زيادين من "هيومن رايتس ووتش"، فقالت: "ما كشفت عنه الأزمة الحالية هو التمييز المنظم في دول الخليج"، و"كشفت عما يمكن أن تصبح الأمور فيه رهيبة بشكل كامل".

إذن، هل أن ترحيل العمالة الوافدة والمقيمين هو  الحل.. وجهتا نظر؟!

الأمر غاية في التعقيد، ولا يحتمل أي تبسيط أو تطرف في تصور الحلول وطرحها. فلقد بتنا في وضع، لم يعد فيه من الإنصاف النظر إلى العمالة الوافدة كعبء وإشكالية بقدر ما هي أيضا قوة استهلاكية وشرائية ومحرك اقتصادي لا يمكن الاستغناء عنه.

فما هي وجهة النظر الأولى: أعيدوا المقيمين من حيث جاءوا فقد أخذوا ما يكفيهم؟!

هذا الطرح الحاد موجود بقوة في الخليج والإمارات وإن كان يتفاوت في التفاصيل، وتورط في هذا الطرح إعلاميون وحتى مسؤولون وفنانون، وفق عدة تقارير في "بي بي سي"، و"دويتشه فيله" الألماني، ووكالة "روتيرز"، و"نيويورك تايمز"، ناقشت باستفاضة وجهتي النظر.

ففي الكويت، انتشر النقاش على منصات التواصل الاجتماعي حول كيفية تخفيض أعداد العمالة الأجنبية. ودعا المعلقون الحكومة لإصلاح نظام السمسرة الذي يجلب عمالة أجنبية وخلق اقتصاد ظل.

الإعلامي السعودي خالد العقيلي قال على قناة سعودية رسمية: "الواجب الوطني" يحتم على شركات القطاع الخاص تسريح موظفيها الأجانب لا السعوديين، محذرا من أن هيمنة الوافدين على قوة العمل بالمملكة يشكل "خطرا حقيقيا".

ولكن، ما هي وجهة النظر الثانية.. تخفيض العمالة الوافدة يخلق أزمة؟

بطبيعة الحال، تعتمد وجهة النظر الثانية على الوقوف على تداعيات تخفيض المقيمين لأي سبب كان وبأي نسبة كانت. فقد رجح تقرير بريطاني أن يتراجع عدد السكان في بعض دول الخليج بنسبة 10%؛ بسبب مغادرة عمال أجانب. وتوقع التقرير أن يبلغ عدد المغادرين من الإمارات نحو مليون مقيم. وتوقعت صحيفة "جلف نيوز" مؤخرا أن 50% من مطاعم دبي عرضة للإغلاق بسبب الأزمة الراهنة.

 صحيفة "نيويورك تايمز"، قالت: في الإمارات والخليج، تعتمد آلة الحياة اليومية على العمالة الوافدة، وهناك ملايين العاملين في المقاهي وفي الخدمة المنزلية والمجال الطبي وعمال البناء وخدمات التوصيل والطهاة وجامعي النفايات والحراسة وصالونات التجميل والفنادق وغير ذلك. وعادة ما يقوم هؤلاء بالوظائف التي لا يريد المواطنون القيام بها. فإذا تم الاستغناء عنهم، فكيف سيكون الحال؟!

من جهته، قال الخبير الاقتصادي، طارق فضل الله لوكالة "رويترز": "تراجع عدد الوافدين سيقلص الطلب على كل شيء من البيتزا إلى الفيلات، والخطر هو أن يؤدي هذا إلى تأثير انكماشي متتال وفقدان للوظائف الثانوية".

أما روبرت موجيلنيكي الباحث المقيم لدى معهد دول الخليج العربية في واشنطن، فأشار: "الوافدون ليسوا مجرد ترس في آلة. إنهم يلعبون دورا مكملا في إعادة تدوير رأس المال محليا مما يساعد في دعم اقتصادات الخليج".

ويقول محللون إن رحيل الوافدين قد يقلص إيرادات الحكومات من الرسوم وضريبة القيمة المضافة ويبطئ جهود الإصلاح بما يشمل خفض الإنفاق العام على الرواتب والدعم.

لقد دفع سوء تخطيط الحكومات إلى اختلال التركيبة السكانية بكل ما لها من تداعيات وبكل ما فيها من آثار، وباتت الحلول الممكنة تولد إشكاليات وأزمات عديدة، كما أن استمرار هذا الخلل يشكل تهديدا، لتظل هذه المشكلة واحدة من القضايا التي خرجت عن سيطرة الحكومات وقدرة التعامل معها إلا بأثمان باهظة قد تكلف أكثر من استمرارها.. فهل نحمل "كورونا"، أيضا، أخطاء السياسات الاقتصادية واستمرار البطالة وتعطل التوطين؟!