أحدث الأخبار
  • 12:51 . على حساب الهلال السعودي.. العين يبلغ نهائي أبطال آسيا للمرة الرابعة في تاريخه... المزيد
  • 09:49 . تقرير: أبوظبي تشارك بنقل الفلسطينيين من رفح تمهيداً لاجتياحها من قبل الاحتلال... المزيد
  • 09:40 . جوجل تطرد 20 موظفًا احتجوا على صفقة مع الاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 09:39 . أمير الكويت يبدأ زيارة رسمية إلى الأردن... المزيد
  • 08:25 . تسعير خام دبي لشهر يوليو بخصم 0.10 دولار عن خام عمان... المزيد
  • 08:20 . استثنى "سكاي نيوز".. السودان يعيد عمل مكاتب قناتي العربية والحدث السعوديتين... المزيد
  • 07:18 . النفط يتراجع إثر تقييم تداعيات العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران... المزيد
  • 07:15 . أبو عبيدة: سنواصل ضرباتنا ومقاومتنا ما دام عدوان الاحتلال مستمراً... المزيد
  • 07:01 . الإمارات وعُمان توقعان شراكات استثمارية بـ 129 مليار درهم... المزيد
  • 06:47 . بيان إماراتي عُماني مشترك يدعو لتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر التصعيد... المزيد
  • 06:39 . تقرير: السعودية أكثر دول الشرق الأوسط إنفاقاً في المجال الدفاعي... المزيد
  • 01:05 . وزير الخارجية الإيراني يصف عقوبات الاتحاد الأوروبي بأنها “مؤسفة”... المزيد
  • 01:03 . الاحتلال يقصف شواطئ غزة ويكثف غاراته وسط القطاع... المزيد
  • 12:08 . ألم المستقيم.. أسبابه وطرق علاجه... المزيد
  • 11:33 . "دوكاب" تخطط لإنتاج قضبان الألمنيوم الأخضر... المزيد
  • 11:32 . حاكم الشارقة يؤكد عودة الأمور إلى طبيعتها في الإمارة خلال ثلاثة أيام... المزيد

تحقيق على "الغارديان" يكشف صورة إنسانية مرعبة عن مقيمين في الدولة

وكالات – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 10-01-2019

نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية تحقيقًا صحافيًا للكاتبة كاتي ماكوي، تتناول فيه مشكلة النساء العاملات اللاتي يهاجرن للعمل في الإمارات وينجبن أطفالًا خارج إطار الزواج.

قابلت كاتي امرأتين تعيشان في الإمارات، واختارت لهما أسماء مستعارة لتحكي تجربتهما، وتوضح الوضع الصعب الذي تعيشه هؤلاء النساء وأطفالهن.

جيري الصغيرفي غرفةٍ خانقة بلا نافذة لا تتجاوز أبعادها ثلاثة وخمسة أمتار في حيٍ قديم بدبي، يعيش تسعة أشخاص من الفلبين. ثمانية منهم بالغون يعملون ساعاتٍ طويلة في وظائف متدنية الأجر حتى يمكنهم إرسال المال لعائلاتهم في الوطن.

أما التاسع بحسب كاتي فهو ولدٌ يبلغ ستة أعوام.هذا الطفل يُدعى جيري، ويتشارك سريرًا صغيرًا مع والدته نينج. يحب جيري الرقص، ومسلسل Peppa Pig الكارتوني، وحلوى الدونات.

وهذه الغرفة الصغيرة الداكنة هي المنزل الوحيد الذي عرفه، إذ توضح كاتي أنَّه قضى حياته في الخفاء طفلًا عديم الجنسية يكبر بلا شهادة ميلاد أو أي هوية أخرى، ما يعني أنَّه لا يمكنه الحصول على تعليم، ولم يزر طبيبًا قط.ورسميًا، هذا الفتى الصغير غير موجود.

تشير كاتي إلى أنَّه من بين سكان الإماراتالذين يبلغ عددهم 9.4 مليون نسمة، يشكل العمال اللاجئون الذين يتقاضون أجورًا زهيدة نسبة 70%. ويمثل هؤلاء جزءًا حيويًا من الاقتصاد، إذ يعملون عادة في البناء أو البيع بالتجزئة، أو خدمًا وسائقي سيارات أجرة.

نينج التي قابلتها الكاتبة هي واحدة من هؤلاء العمال اللاجئين. جاءت نينج منذ عقدٍ مضى إلى الإمارات المتحدة من الفلبين لتعمل خادمة منزل، لكنَّها قالت لكاتي إنَّها هربت لأنَّ من وظفوها كانوا يسيئون معاملتها.

وخسارة الوظيفة تعني ببساطة خسارة الإقامة، والعيش داخل الدولة بشكلٍ غير قانوني. لذا تورطت نينج حسبما أخبرت الكاتبة مع رجلٍ أخذها لمنزله، ثم ألقاها خارجًا بعد أن حملت. علمت نينج أنَّها بالحمل خارج إطار الزواج قد كسرت القانون الإماراتي للمرة الثانية. فممارسة الجنس بلا زواج جريمة بموجب قانون الدولة الإسلامي، وقد تؤدي إدانتها إلى أحكامٍ بالسجن تصل إلى عام.

وتقول الكاتبة على لسان نينج: «حين تصبحين حبلى ولا يمكنك إخبار أي شخص، ولا تعرفين ما يجب فعله، يكون الأمر عذابًا حقيقيًا».يُعرف القانون الذي يجرم ممارسة الجنس خارج الزواج في الإمارات بقانون الزنا.

وفي بعض الحالات، حسب قول الكاتبة، تعد السلطات أنَّ الإبلاغ عن حالات الاغتصاب هو ممارسة غير مشروعة للجنس، مما يتسبب في سجن الضحية.وتضيف كاتي أنَّ الأطباء في الإمارات ملزمون بتسليم النساء اللاتي يعرفن أنَّهن حوامل خارج إطار الزواج إلى الشرطة، وحينها يمكن أن تواجه النساء عقوبة الحبس والاحتجاز.

وتختار بعض النساء مغادرة الإمارات قبل أن يصبح حملهن ملحوظًا، وبعضهن يلجأن إلى عمليات الإجهاض غير القانونية.

وتشير الإحصائيات التي تنشرها القنصلية الفلبينية في دبي إلى أنَّ عدد العاملات المهاجرات اللاتي يتخذن القرار بالاختباء بعد أن يحملن بلا زواج مثل نينج يصل إلى المئات كل عام.

وبحسب كاتي، يقول المحامي بارني ألمازار، الذي يعمل في شركة Gulf Law ويقدم المساعدة القانونية للعمال المهاجرين في الإمارات: «العاملات يخشين خسارة وظائفهن، لأنَّها الطريقة الوحيدة لدعم عائلاتهن في الوطن. بالنسبة لهن، الترحيل يعني نهاية حياتهن».

تضيف الكاتبة أنَّ نينج احتفظت بطفلها حتى نهاية فترة الحمل دون إمكانية الحصول على أية خدمات صحية، ووضعت جيري في شقة صديق بمساعدة قابلة، وبلا أي مسكنات للآلام.

وعجزت عن إيجاد وظيفة بالطرق القانونية، وفي النهاية عملت كمديرة منزل ومربية أطفال لعائلة فلبينية تعيش في منزلٍ يبعد عن منزلها 10 دقائق سيرًا على الأقدام. كانت العائلة تعلم أنَّ وضعها غير قانوني، وعليه كانت تدفع لها ألف درهم شهريًا (216 جنيه إسترليني) مقابل عملها 10 ساعات يوميًا لخمسة أيام في الأسبوع.

وغالبًا لا تتحصل نينج على مستحقاتها في الوقت المحدد. لكنَّها بلا حقوق ولا يمكنها اللجوء إلى السلطات.ولهذا تواجه الأم وضعًا قاسيًا.

فبحسب كاتي، تصارع هي وابنها لتغطية احتياجاتهما الأساسية مع إيجار سريرهما الذي يكلف 500 درهم شهريًا. وتحاول نينج حين تتمكن من ذلك إرسال 190 درهمًا إلى عائلتها في الوطن، التي تعيش في مقاطعة زامبوانجا سيبوجاي، أحد أفقر الأحياء الفلبينية. ويجبرها هذا المبلغ الصغير من المال على البقاء في دبي.

تصف الكاتبة ظروف معيشتهما، وتقول إنَّ سرير نينج وجيري هو السرير السفلي ضمن سريرٍ مكون من طابقين يفصل بينهما مترٌ واحد. وتتدلى ستائر مؤقتة مصنوعة من الملاءات في مقدمة السرير لتوفر بعض الخصوصية.

يأكلان الوجبات داخل الغرفة، وتتحرك الصراصير وحشرات أخرى على الأرض.

الأطفال غير الشرعيين

أفسدت ظروف المعيشة هذه طفولة جيري، إذ تُغرقه غالبًا بمشاعر القلق، مما يتسبب في جعله مريضًا. ويقول جيري للكاتبة: «لا أشعر بشيء. أنا مريض لكن لا يمكنني التحسن». تقول كاتي إنَّ نينج تتجهز للاستسلام للسلطات، لتسمح لها بمغادرة البلاد عقب تأدية عقوبة الحبس، والحصول على تأشيرة خروج لها ولجيري.ورغم حياتها الصعبة في دبي، تكره نينج العودة لوطنها. فالمستقبل هناك يبدو أكثر قتامةً أمامها. إذ لا تملك عائلتها مساحةً لاستضافتهما، والفقر المدقع في مقاطعتها سيجعل الحياة أصعب.

جوانا: الأم البديلة

تشير كاتي إلى أنَّ العديد من هؤلاء الأمهات الجدد العازبات يلجأن إلى التخلي عن أطفالهن، وتركهم لآخرين في المجتمع للاعتناء بهم، خوفًا من أن تعتقلهن الشرطة، ولعجزهن عن الاعتناء بأطفالهن أثناء العمل.إحدى هؤلاء الأمهات البديلات هي جوانا، وهي ممرضة فلبينية تعيش في دبي منذ 10 سنوات.

وطوال الشهور الخمسة عشر الماضية، كانت تعتني بفتاةٍ رضيعة تسمى روزامي.بحسب الكاتبة، تعيش جوانا في غرفةٍ مع خمس نساء أخريات في منطقة الكرامة في دبي. ومنذ عام ونصف، ظهرت الفتاة الرضيعة في الغرفة.

كانت أمها صديقة إحدى زميلات جوانا في السكن، وبعد تركها الطفلة، انقطع الاتصال بها. وتقول جوانا: «كانت الساعة الواحدة ليلًا، وكانت الفتاة تبكي وقد تُركت بمفردها».

وتضيف جوانا أنَّ الفتاة اختفت في اليوم التالي، لكنَّها ظهرت لاحقًا بعد شهر، ثم ظهرت مجددًا في الشهر التالي. وتتابع: «خلال هذا الوقت، مرت الفتاة بمنازل أخرى. في المرة الثالثة التي رأيتها فيها كانت مغطاة بالطفح الجلدي».

وتقول كاتي إنَّ جوانا بدأت في الاعتناء بالطفلة متوقعةً أنَّ والدتها ستأخذها قريبًا.تتابع جواناللكاتبة وتقول: «كان وجود الطفلة معنا بلا أي وثائق أمرًا صعبًا. وبعد أسبوعين سألتُ القنصلية الفلبينية عما يجب علي فعله، وقيل لي : «انتظري، ستعود الأم».حينها قررتُ أن هذه الطفلة ربما صارت تخصنا».

عن طريق عمل جوانا، صار من الممكن لروزامي الحصول على الرعاية الصحية. وحظيت بعنايةٍ جيدة. تستطيع الفتاة الصغيرة الثرثارة الآن غناء الحروف الأبجدية الإنجليزية، والحديث ببعض العبارات الإنجليزية. وهي أيضًا تحب ارتداء الفساتين، ولعبتها المفضلة هي دمية تسميها الأميرة الصغيرة.

وتقول جوانا للكاتبة: «أنا فخورة لأنِّي أمها. أقول لها دائمًا أنِّي أحبها جدًا. إنَّها لطيفة ومحبة. أريدها أن تحظى بمستقبل طبيعي، لا أن تعيش حياةً كهذه».تضيف كاتي أنَّ جوانا تدرك جيدًا أنَّها معرضة للاعتقال لاحتفاظها بطفلٍ غير قانوني. وهي يائسة من إيجاد طريقةٍ لتبني روزامي قانونيًا، لأنَّ المواطنين الإماراتيين هم فقط من يُسمح لهم بتبني الأطفال في الإمارات.

وحسب ما تقوله جوانا، اتصلت بها نساء أخريات ممن يعتنين بأطفالٍ متروكين في دبي بحثًا عن المشورة، إذ توضح للكاتبة: «هناك العديد من الأطفال هنا بلا وثائق».

أرقام وإحصائيات

تشير كاتي إلى أنَّه يستحيل تقريبًا معرفة عدد الآباء والأطفال الذين يشاركون نينج وجيري وضعهما في الإمارات. ووفقًا للمتحدث الرسمي للقنصلية الفلبينية، تسعى كل شهر 40 أمًا تقريبًا معهن أطفالٌ مولودين خارج إطار الزواج لأخذ المشورة والمساعدة من القنصلية الفلبينية في دبي، والسفارة في أبو ظبي.

ويقول ألمازار للكاتبة إنَّ هذا الرقم على الأرجح يشكل جزءًا ضئيلًا من الأمهات اللاتي يعشن مختبئاتٍ في الدولة مع أطفالهن. ويضيف المتحدث الرسمي أنَّ مرافق الأطفال والرضع في سجون دبي مملوءة في الوقت الحالي بسبب العدد المرتفع للأمهات اللاتي سلمن أنفسهن، حتى يتمكن من مغادرة البلاد بعد تمضية عقوبة السجن.

وقد أدى هذا إلى تراكم عددٍ كبير من القضايا.ورغم هذا الوضع المأساوي، ترى الكاتبة أنَّ هناك بوادر أمل لهذه الأسر.فـمؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، وهي مؤسسة خيرية ودار رعاية تديرها الحكومة تقوم على إيواء ضحايا الاتجار بالبشر والاعتناء بالأطفال اليتامى أو المهجورين، تتعامل سنويًا في الوقت الحالي مع عشرات الحالات من النساء اللاتي أنجبن أطفالًا خارج إطار الزواج، حسب ما صرحت به غنيمة حسن البحري، مديرة الخدمات الاجتماعية والرعاية.

وتوضح كاتي أنَّ المحاكم كانت مرنةً في كل الحالات التي تعاملت معها المؤسسة، ولم تقض النساء مدة العقوبة.وتضيف غنيمة أنَّ هذا النهج يمكن تنفيذه على نطاقٍ أوسع. وتتابع: «لا يمكنني التحدث عن الشرطة أو النيابة وإذا كانوا قد اعتقلوا نساءً أم لا. لا أعرف. لكن من خبرتنا في المؤسسة، وقتما تتواصل معنا أي امرأة، لا يكون الوضع هكذا. أؤمن أنَّ هناك مساحة لتطوير القانون.. فما المغزى من وضعهن في السجن؟»، بحسب موقع "ساسة بوست".