أحدث الأخبار
  • 11:40 . غانتس يمهل نتنياهو حتى 8 يونيو لإيجاد رؤية حول غزة والأخير يهاجمه... المزيد
  • 11:23 . فتح وحماس تحذران من الرصيف الأميركي بغزة... المزيد
  • 11:12 . دراسة: قضاء سبع ساعات يوميا على مواقع التواصل يزيد خطر التدخين... المزيد
  • 11:10 . العاهل السعودي يخضع لفحوصات طبية إثر وعكة مفاجئة... المزيد
  • 10:41 . أمير الكويت يوجه الحكومة بتحديد أولوياتها وفق خطة وجدول زمني محددين... المزيد
  • 10:40 . ولي العهد السعودي يستقبل سوليفان لبحث الأوضاع في غزة... المزيد
  • 10:17 . الإمارات ترسل أول طائرة مساعدات إغاثية لمتضرري الفيضانات في البرازيل... المزيد
  • 10:13 . ميلان يواصل نتائجه السيئة في الدوري الإيطالي... المزيد
  • 10:08 . الترجي التونسي يتعادل مع الأهلي المصري في ذهاب نهائي أبطال أفريقيا... المزيد
  • 09:36 . باير ليفركوزن أول فريق ألماني يحرز "الدوري الذهبي"... المزيد
  • 09:35 . أمبري: تعرض ناقلة نفط ترفع علم بنما لهجوم قبالة اليمن... المزيد
  • 07:27 . القضاء المصري يرفع اسم أبو تريكة و1500 آخرين من قوائم الإرهاب... المزيد
  • 07:24 . خالد مشعل: لدينا القدرة على مواصلة المعركة وصمود غزة غير العالم... المزيد
  • 07:20 . الأرصاد يتوقع انخفاضاً جديداً بدرجات الحرارة في الإمارات غداً... المزيد
  • 07:02 . "الموارد البشرية" تعلن عن 50 فرصة عمل بالقطاع الخاص للمواطنين... المزيد
  • 06:49 . القسام تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا شرقي رفح... المزيد

المطلوب تقديم الحلول لا ممارسة المماحكات

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 31-08-2017

إذا كانت الرأسمالية، الكلاسيكية منها والنيوليبرالية العولمية الحالية، لم تستطع عبر العصور أن تكون أدوات ذاتية قادرة على إصلاح نواقصها، أو إخضاع قوانين أسواقها لقيم الأخلاق والعدالة والتضامن الإنساني، وعلى تجنب تأرجحها بين أزمة وأخرى، وذلك بسبب طبيعة فكرها الاقتصادي المفرط في أنانيته وانحيازه الأعمى لمنطق التنافس والهيمنة والإقصاء، فإنها ستحتاج إن عاجلا أو آجلا إلى فكر اقتصادي آخر ليقوم بمهمة تصحيح الأخطاء والخطايا في هذا النظام المأزوم.
فما عاد باستطاعة هذا العالم أن يتعايش مع قباحات من مثل امتلاك واحد في المئة من البشر لخمسين في المئة من ثروات العالم الإجمالية، بينما يعيش أكثر من ملياري إنسان على دخل يومي لا يزيد عن الدولارين، ويذهب مليار إنسان إلى فراشهم وهم جياع. ما عاد بالاستطاعة تحمل فواجع وكوارث الحروب العالمية والإقليمية والمحلية، التي يؤدي إليها التنافس المجنون في ما بين الدول الرأسمالية أو الشركات الكبرى العابرة للقارات. ما عاد بالاستطاعة رؤية ثلث سكان المعمورة وهم يقضون حياتهم في مساكن متهالكة وأكواخ قذرة مظلمة بائسة لا تصلح للسكن فيها حتى أقذر الحيوانات. بمعنى آخر ما عاد من الممكن التعايش مع ما يصفه البعض «بالأزمة الشيطانية» أزمة الاقتصاد والبيئة. هذا وضع لا تقبله الشرائع الإلهية ولا العدالة الإنسانية. مطوب منطلقات فكرية اجتماعية – سياسية تحل محل النظام النيوليبرالي البائس أو على الأقل تصحح الجوانب اللاإنسانية فيه. لا يهم مسمى هذا الفكر، وإنما المهم هو أخذ المحتويات العلمية الموضوعية الإنسانية الأخلاقية العادلة أيا يكن مسمى ذلك الفكر الأيديولوجي: ماركسي، اشتراكي، ليبرالي ديمقراطي، أو ديني سياسي.
نحن أولا نحتاج إلى تبني أدوات الفكر الاقتصادي – السياسي التحليلي، القادر على فهم سيرورة التاريخ البشري، وعلى تشخيص أمراض الواقع، بما فيه إلقاء الضوء على أنواع وأسباب الخلل في العلاقات الاجتماعية بين من يملكون القوة والسلطة والثروة الاقتصادية ومن يرزحون تحت الإذعان المذل لكرامتهم الإنسانية فقط لكي يعيشوا الحياة في أبسط حدودها الدنيا.
مرادفا لارتباط الوعي بذلك الخلل الفادح في العلاقات الاجتماعية، مطلوب فضح الوسائل التي يستعملها أصحاب السلطة والجاه المالي لإقناع الناس بقبول تلك العلاقة والتعايش مع قيودهم وعبوديتهم واستغلال جهودهم وبؤسهم الاجتماعي. ذلك الفكر التحليلي التشخيصي مطروح في أعتى بلدان الرأسمالية النيوليبرالية المتوحشة، وهو يزيل الأغطية يوما بعد يوم عن فضائح استغلال العمال الفقراء في العالم الثالث، من قبل شركات بضائع الترف وصخب الموضات، وعن حقيقة أن سبعة في المئة من البشر ينتجون خمسين في المئة من الغازات الحرارية التي تسمم كوكب الأرض، وعن نهم الأرباح التي لا تريد أن تقف عند حدود، وعن التنافس الصراعي المرضي في ما بين شركات التواصل الاجتماعي وشركات تكنولوجيا روبوت المستقبل التي ستنهي مئات المهن، وتنشر وباء البطالة في كل أصقاع العالم، وعن السقوط المذهل للديمقراطية أمام هيمنة وجنون أصحاب الثروات الهائلة، وعن تراجع الإعلام من كونه سلطة رابعة مراقبة ومحاسبة ومجيشه للوعي والرفض، إلى كونه ذيلا تابعا لإملاءات شركات الإعلان والمهرجانات والجوائز ونوادي الرياضة، وأخيرا عن ضعف وتهميش الحياة النقابية والأحزاب السياسية المتمردة الثورية. بمعنى آخر عن فضح وتعرية النظام الاجتماعي – السياسي الاقتصادي الإعلامي الذي يرزح تحته العالم كله.
أمام ذلك التشخيص والتحليل العلمي الموضوعي غير المنافق وغير الكاذب نحن نحتاج، ثانيا، إلى فكر قادر على دمج السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، ليخرج لنا بحلول قادرة على تصحيح ما يظهره يوميا التحليل والتشخيص من عفن وعنف وفساد ووضع إنساني بائس. لسنا هنا نتحدث عن حلول في شكل نداءات وتوسلات تتوجه إلى الالتزامات الدينية أو التعاطف الإنساني، أو الواجبات الوطنية. إنما نتحدث عن بناء تركيبات وعلاقات وأنظمة ومؤسسات اجتماعية – سياسية تحمي الغالبية الساحقة من البشر من لهيب نيران ما يدعو إليه الفكر الرأسمالي النيوليبرالي ويمارسه يوميا، أمام ضعف وعجز سلطات الدولة، وأمام تراجع ندية المجتمعات المدنية، وأمام أكاذيب وتلفيقات الكثير من مراكز البحوث والدراسات المرتشية، وأمام تدجين تام للمدرسة والجامعة وضمير الثقافة.
لن ندخل هنا في المماحكات المدعية بأن ذلك التحليل وتلك الحلول قابعة في الفكر الماركسي أو الاشتراكي أو الليبرالي الديمقراطي أو الديني السياسي أو العدمي الفوضوي. لقد أثبت التاريخ أنها جميعا عانت من نقاط ضعف، أو عدم توازن ما بين هذا المكون أو ذاك، أو حتى تضاد مع مقتضيات الواقع الإنساني عند التطبيق.
والسؤال: هل يستطيع هذا العالم أن يأخذ ميزات كل فكر وكل إيديولوجية وكل نظام من دون خوف من الاتهام بالتلفيق والترقيع وتجميع الأضداد؟ دعنا، رجاء، لا ننشغل بالثرثرة والغناء الطفولي المضحك النيروني بينما مدينة روما تحترق. لنتذكر أنه حتى ماركس نادى بضرورة وجود النظام الرأسمالي القادر على إنتاج فوائض مادية كافية للبشر، وذلك قبل الانتقال إلى النظام الشيوعي الذي دعا له واعتقد أنه سيحرر الإنسان. دعنا ننشغل ببناء قوى اجتماعية وتضامنات سياسية قومية وعالمية قادرة على أن تأخذ زمام المبادرة وتقلب النظام الرأسمالي النيوليبرالي العولمي المتوحش المجنون الحالي من قدر لا فكاك منه من قبل الجميع إلى أن يكون أحد الخيارات للمجانين الذين يريدون الاحتراق في أتونه، فتاريخ البشرية مليء بمجانين كهؤلاء.