رأى الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني علي الذهب والمحلل السياسي عادل المسني أن التطورات الجارية في جنوب اليمن مرتبطة بتصاعد التنافس الإقليمي بين السعودية والإمارات، وانتهاء مرحلة التفاهمات التي حكمت علاقة الدولتين خلال السنوات الماضية ضمن إطار التحالف.
وقال الذهب، في مداخلة على قناة المهرية اليمنية، إن سحب السعودية جزءًا من قواتها من عدن يأتي في ظل تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي بات - وفق قوله - أداة رئيسية بيد الإمارات التي تموّل وتحرّك التشكيلات العسكرية التابعة له. وأوضح أن التحركات الأخيرة للانتقالي تشبه في نمطها انقلاب الحوثيين عام 2014، في ظل سعي أبوظبي لفرض نفوذ موازٍ للنفوذ السعودي في محافظات حضرموت والمهرة.
وأكد الذهب أن المشهد اليمني يتعقد نتيجة هذا الصراع الإقليمي، مشيرًا إلى أن أبوظبي تسعى لترسيخ نفوذها عبر الميليشيات المحلية، بينما تحاول السعودية الحفاظ على حضورها من خلال قوات "درع الوطن" ودعم الحكومة، وهو ما يحدّ من إمكانية سيطرة الانتقالي منفردًا على الشرق اليمني.
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي عادل المسني، في مداخلة على ذات القناة، إن الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي شرق اليمن جاءت كردّ على تغيّر المعادلة الإقليمية، بعد أن انتهت مرحلة تبادل الأدوار بين السعودية والإمارات.
وأضاف أن صعود الدور السعودي إقليميًا بعد زيارة ولي العهد إلى الولايات المتحدة أثار انزعاجًا لدى أبوظبي وتل أبيب، ما انعكس على الملف اليمني.
وأشار المسني إلى أن أبوظبي تتصرف اليوم خارج التفاهمات السابقة داخل التحالف، وتعمل على إرباك الرياض في اليمن والسودان عبر بناء الميليشيات وشراء الولاءات، في حين وجدت السعودية نفسها مضطرة للدفاع عن نفوذها التقليدي.
واعتبر أن العليمي يعتمد بشكل كبير على الدعم السعودي لحشد موقف دولي يمنع الانتقالي وأبوظبي من فرض واقع سياسي جديد في الجنوب.
ويرى الخبيران أن الصراع السعودي–الإماراتي لم يعد خافيًا في اليمن، وأنه أصبح المحرك الأبرز لاضطراب المشهد في المحافظات المحررة، في ظل محاولات كل طرف تعزيز حضوره على حساب الآخر، بما يهدد بإعادة فتح جبهات سياسية وأمنية في لحظة إقليمية حساسة.
رغم اتفاق للتهدئة بوساطة سعودية في محافظة حضرموت شرقي اليمن، يقود المجلس الانتقالي الجنوبي حملة تصعيد ضد الحكومة الشرعية، وذلك في سياق صراع نفوذ على المحافظة.
وبدأ التوتر الميداني حين أعلن المجلس الانتقالي إطلاق عملية عسكرية باسم "المستقبل الواعد"، الأربعاء الماضي، سيطر خلالها على مساحات واسعة من حضرموت بينها حقول النفط ومدينة سيئون الحيوية التي تحوي مطارا دوليا.
وجاءت تلك السيطرة بعد مواجهات محدودة خاضتها قوات "الانتقالي" ضد قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة لوزارة الدفاع في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وضد قوات "حلف قبائل حضرموت"، وهو كيان خاص بأبناء المحافظة.
وعقب الأحداث وبوساطة محلية ورعاية سعودية، أعلنت السلطة المحلية بحضرموت "الوقف الفوري للتصعيد العسكري والأمني والإعلامي والتحريضي، واستمرار هدنة بين الطرفين إلى أن تنتهي لجنة الوساطة من أعمالها والوصول إلى اتفاق كامل بين الطرفين".
ويستمر اعتصام مفتوح لأنصار "الانتقالي" في حضرموت ومحافظات أخرى، والذي بدأ الأحد، لمطالبة المجتمع الدولي بما أسماه "تحقيق استقلال الجنوب"، ومطالبات بتغيير محافظ المحافظة.
وعقب الأحداث، اتهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي المجلس الانتقالي بـ"اتخاذ إجراءات أحادية تشكل تهديدا مباشرا لوحدة القرار الأمني والعسكري"، وفق وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ).
وأبلغ العليمي السفراء المعتمدين بأن "الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي، تمثل خرقا صريحا لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وتهديدا مباشرا لوحدة القرار الأمني والعسكري، وتقويضا لسلطة الحكومة الشرعية، وتهديدا خطيرا للاستقرار، ومستقبل العملية السياسية برمتها".