قالت هيومن رايتس ووتش ومركز مناصرة معتقلي الإمارات إن ملابسات وفاة السجين السياسي علي عبد الله الخاجة داخل سجن الرزين، بعد 13 عاماً من الاحتجاز التعسفي، تكشف عن نمط واسع وممتدّ من الانتهاكات داخل سجون أبوظبي القمعية، وتسلّط الضوء على ممارسات وصفتها المنظمتان بأنها منهجية وتشمل التعذيب، الإخفاء القسري، الحبس الانفرادي المطوّل، والحرمان من الرعاية الطبية.

وأضافت المنظمتان في بيان مشترك لهما، أن الخاجة عُثر عليه ميتا في زنزانته صباح 19 نوفمبر، بعد يوم واحد فقط من إبلاغه بوفاة والده التي حدثت في 8 من الشهر نفسه، رغم تأخر السلطات عشرة أيام في إيصال الخبر إليه. ورغم وفاته في الصباح، لم تُبلّغ عائلته إلا في وقت متأخر من مساء ذلك اليوم، كما لم يُجرَ أي تشريح مستقل للجثمان.

وأشار مركز مناصرة معتقلي الإمارات إلى أن إدارة سجن الرزين منعت منذ الحادثة عائلات بقية المعتقلين السياسيين من زيارتهم، ما أثار مخاوف إضافية بشأن ظروف احتجازهم.

تغريدة من X.com

https://twitter.com/hrw_ar/status/1993821866260123812

خلفية القضية: "الإمارات 94"

وكان الخاجة قد اعتُقل في أغسطس 2012 خلال حملة واسعة استهدفت معارضين ونشطاء، وأُحيل إلى المحاكمة ضمن القضية الجماعية المعروفة إعلاميا بـ “الإمارات 94”.

وفي يوليو 2013، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا بأبوظبي حكماً بسجنه عشر سنوات إلى جانب 68 آخرين، في محاكمة وصفتها المنظمات الحقوقية بأنها جائرة، تنتهك الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.

وبحسب شهادات حقوقية، تعرض الخاجة خلال سنوات احتجازه إلى التعذيب، والضرب، والعزل الانفرادي لفترات مطوّلة، والإضاءة المستمرة لمنعه من النوم، إضافة إلى الإهمال الطبي المتكرر.

انتهاء العقوبة… واحتجاز بلا نهاية

رغم أن الخاجة أنهى مدة محكوميته البالغة عشر سنوات في أغسطس 2022، أبقته سلطات أبوظبي رهن الاحتجاز باستخدام مواد قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2014، الذي يسمح باحتجاز أي شخص تصنّفه السلطات باعتباره يشكل “خطورة إرهابية” دون تحديد قانوني واضح لهذا المصطلح.

وتُرسل هذه الفئة من السجناء عادة إلى ما يسمى “مراكز المناصحة”، وهي وحدات إدارية يتيح القانون إيداع من يُعتبرون “خطيرين” فيها إلى أجل غير مسمى، بناء على طلب نيابة أمن الدولة.

اتهامات جديدة خلال استضافة الإمارات كوب28

وفي ديسمبر 2023، تزامناً مع استضافة الإمارات مؤتمر المناخ العالمي (كوب28)، وجّهت السلطات تهماً جديدة إلى ما لا يقل عن 84 شخصاً، بينهم الخاجة، في محاكمة جماعية جديدة أثارت مخاوف عميقة حول احترام الإجراءات القانونية الواجبة.

وأكدت منظمات حقوقية أن هذه المحاكمة شابتها قيود على الوصول إلى ملفات القضية، وضعف المساعدة القانونية، وتلقين الشهود، وانتهاك مبدأ عدم جواز المحاكمة مرتين، وتواتر تقارير عن سوء معاملة جسيمة، فضلاً عن انعقاد الجلسات في أجواء من السرية.

مطالبات بتحقيق شفاف

وقالت جوي شيا، باحثة شؤون الإمارات في هيومن رايتس ووتش: “وفاة الخاجة جاءت بعد سنوات من السجن التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة رغم أنه ما كان يجب أن يقضي يوماً واحداً في السجن. على السلطات أن تحقق فوراً وبشفافية، وأن تقدم تفسيرا واضحا لعائلته والمجتمع الدولي”.

ودعت هيومن رايتس ووتش ومركز مناصرة معتقلي الإمارات إلى فتح تحقيق سريع، نزيه، وشفاف في ملابسات الوفاة، بما يتماشى مع الالتزامات الدولية التي تفرض إجراء تحقيقات مستقلة وشاملة في الوفيات داخل أماكن الاحتجاز، إضافة إلى الالتزام بـ قواعد الأمم المتحدة النموذجية لمعاملة السجناء (قواعد مانديلا) التي تضمن حق السجناء في الرعاية الطبية الكافية.

وقال حمد الشامسي، المدير التنفيذي للمركز مناصرة معتقلي الإمارات: “وفاة علي الخاجة أثناء الاحتجاز ليست حادثاً فردياً، بل نتيجة مباشرة لسنوات من التعذيب والإهمال الطبي والاحتجاز التعسفي. حُرم علي من أبسط حقوقه الإنسانية، وحان الوقت لمحاسبة المسؤولين واتخاذ خطوات جادة لحماية سجناء الرأي المتبقين في الإمارات”.