أحدث الأخبار
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد
  • 12:52 . ولي العهد السعودي ووزير خارجية الصين يبحثان العلاقات المشتركة... المزيد
  • 12:25 . مستشار خامنئي: إيران ستدعم “بحزم” حزب الله في لبنان... المزيد
  • 12:16 . "التعليم العالي" تعرّف 46 جامعة بمزايا المنصة الوطنية للتدريب العملي... المزيد
  • 11:46 . وفاة 21 شخصا في فيضانات مفاجئة بالمغرب... المزيد
  • 11:10 . كيف تمددت "الشركة العالمية القابضة" في مفاصل اقتصاد أبوظبي؟... المزيد
  • 10:56 . الجزائر تنفي إنشاء وحدات مرتزقة لتنفيذ عمليات سرية في الساحل... المزيد
  • 10:55 . زوجة جاسم الشامسي توجه رسالة إلى الرئيس السوري الشرع... المزيد
  • 07:40 . رئيس الدولة يزور قبرص لتعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين... المزيد
  • 07:21 . في ذكرى انطلاقة حماس.. خليل الحية يدعو لسرعة تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة غزة... المزيد
  • 06:13 . أستراليا.. 11 قتيلا في إطلاق نار على احتفال يهودي... المزيد
  • 06:00 . خبير إسرائيلي: الانتقالي سيطر على حضرموت بمساعدة أبوظبي وتل أبيب... المزيد
  • 12:02 . صحيفة عبرية تكشف ملابسات استهداف القيادي القسامي رائد سعد... المزيد
  • 11:01 . مقتل ثلاثة أمريكيين في هجوم لمشتبه بانتمائه للدولة الإسلامية بسوريا... المزيد
  • 10:24 . حلفاء أبوظبي يرفضون طلب الإمارات والسعودية بالانسحاب من شرقي اليمن... المزيد
  • 06:35 . سلطات غزة تعلن حصيلة الأضرار الكارثية لمنخفض "بيرون"... المزيد

العالم الانعزالي

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 07-02-2017


في عام 2008 كان العالم في خضم أزمة مالية خانقة دفعت اقتصاديات العالم الكبرى إلى إجراءات تقشف واسعة أدت إلى خسارة الآلاف وظائفهم واستثماراتهم ومنازلهم، انتهت تلك الأزمة إلى حد ما، الاقتصاد الأمريكي اليوم في حالة تعاف نسبي وأوروبا تجاوزت عنق الزجاجة بعد أزمة اليونان، وخلال هذه الأزمة اشتعلت نيران الحرب في سوريا، وبدأ التدفق السريع للاجئين عبر الحدود ليشهد العالم أكبر نزوح في تاريخه ومأساة إنسانية لا حد لها، ترافق هذه الأحداث صنع وهماً عابراً للقارات مفاده أن تلك المآسي الشخصية في الدول الغنية التي أحدثتها الأزمة المالية وتبعاتها ترتبط بالمهاجرين واللاجئين، وهذا رد فعل تقليدي فكلما تحدث أزمة مالية تتوجه أصابع اللوم إلى المهاجرين باعتبارهم القوى العاملة «الأرخص» وبالتالي يستبدلون العمالة المحلية، وعلى الرغم من أن الأرقام لا تثبت هذه الفرضية إلا أن لها صدىً مدوياً على المستوى السياسي، وها نحن اليوم نعيش تفاعلات تفاقم هذا الوهم عبر العالم.
لا شك أن أزمة اللاجئين في سوريا شكلت تحدياً لدول الجوار وخاصة تركيا وعلى مستوى أقل للاتحاد الأوروبي، ولكن الواقع هو أن الأثر المالي المباشر على المواطن الأوروبي والغربي كان محدوداً ولكن خطاب الكراهية المنسجم مع حالة السخط على الأنظمة في السياق الغربي نجح في صناعة عدو مشترك للأكثريات الأوروبية والأمريكية، المهاجرين بمختلف صورهم، هذا الخطاب تعالى شيئاً فشيئاً حتى وصل بأصحابه إلى البيت الأبيض الأمريكي وخلال هذا العام ربما نرى نسخاً مصغرة من ترمب في قصور الرئاسة الأوروبية المختلفة، ولكن ما هوالأثر الكلي لصعود هذا التيار ومؤيديه عالمياً؟
العالم اليوم يتجه نحو الانعزال، ولا يعني هذا الانعزال تقوقعاً داخل حدود كل دولة ولكنه يعني نظرة ضيقة للمصالح الوطنية يتخلى فيها العالم عن العمل المشترك والمصالح المشتركة لصالح التجاوب مع خطاب شعبوي عنصري، ترمب يهدد المكسيك ومرشح الرئاسة الفرنسي يستعدي المهاجرين المسلمين و الحكومة البريطانية تشدد إجراءات الهجرة وهكذا، شيئاً فشيئاً تقفل الحدود وتتعقد العلاقات بين الجيران، وفي هذه الأثناء تتزايد أعداد اللاجئين من سوريا وغيرها الطامحين في عبورالحدود هرباً من الموت الذي يتقاذفه الخصوم الدوليون.
وطبعاً لا يعني ذلك أننا كنا قبل موجة الشعبوية هذه نعيش في عالم عادل متحضر مثالي، ولكن على الأقل كانت هناك مبادئ عامة حاكمة لهذا العالم تجبر أصحاب المصالح الضيقة والنظرة العنصرية إلى تغليف أعمالهم بلبوس مقبول في إطار منظومة القيم العالمية، اليوم حتى هذا لم يعد ضرورياً، بإمكان شخصيات حاقدة مثل بانون المستشار الرئيسي لترمب أن يقف في المكتب البيضاوي ويملي عنصريته على الآخرين وبإمكان فاراج في بريطانيا أن يتبجح بإنجازاته العنصرية على شاشات الإعلام وبإمكان أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية أن تسوق لبرامجها المتطرفة دون الحاجة لتزيينها أولاً، العالم خسر غطاءً كان يستر عورته أمامنا.
هذا الانعزال سيكون أثره في البداية محلياً ولكنه سيتجاوز ذلك لنشهد تصاعداً للنزاعات الإقليمية في مناطق لم نعتد فيها على هذه النزاعات منذ الحرب العالمية الثانية، وفي الحقيقة آخرمرة شهدنا فيها هذا التصاعد للخطاب الشعبوي العنصري كانت نهايته الحرب العالمية الثانية، هتلر وموسوليني كانا رأس حربة الشعبوية حينها بخطاب يتحدث عن خطر المهاجرين والأقليات ويتحرك بفلسفة نحن أولاً وليحترق العالم، قد يبدو هذا الآن غيرممكن حسب فهمنا للعالم ولكن فهمنا هذا هو الذي كان ينكر إمكانية أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأن يفوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة، وفي نهاية هذه المرحلة التاريخية الصعبة سيكون العالم قد أعاد التشكل بخطاب جديد ومنظومة قيم مختلفة.
طموحنا اليوم هو أن تكون أمتنا بموروثها الحضاري طرفاً في إعادة التشكل هذه، منظومة قيم العالم السابقة الرأسمالية الليبرالية ساهمت في خلق واقع متفجر لا تحكمه بوصلة أخلاقية واليوم يعاني العالم من نتائج ذلك، رأسمالية العالم صنعت طبقة من الفقراء الذين لا يمكن لهم الخروج من فقرهم وطبقة من الأغنياء يستحوذون على ثروات العالم ويحركونه كما يريدون، اليوم تقاوم الفئات المطحونة هذه المنظومة واسترجاع العدالة الاقتصادية والقيم المجتمعية على رأس المطالب الشعبية، المستقبل الآن إما تفاقم في الصراعات الإقليمية يفضي إلى تكسر للنظام العالمي وإعادة تشكل له أو يقظة عالمية تفرز توافقاً جديداً على عالم مختلف، والسيناريو الأخير هذا مع الأسف هو الأبعد عن الواقع.;