أحدث الأخبار
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد
  • 12:52 . ولي العهد السعودي ووزير خارجية الصين يبحثان العلاقات المشتركة... المزيد
  • 12:25 . مستشار خامنئي: إيران ستدعم “بحزم” حزب الله في لبنان... المزيد
  • 12:16 . "التعليم العالي" تعرّف 46 جامعة بمزايا المنصة الوطنية للتدريب العملي... المزيد
  • 11:46 . وفاة 21 شخصا في فيضانات مفاجئة بالمغرب... المزيد
  • 11:10 . كيف تمددت "الشركة العالمية القابضة" في مفاصل اقتصاد أبوظبي؟... المزيد
  • 10:56 . الجزائر تنفي إنشاء وحدات مرتزقة لتنفيذ عمليات سرية في الساحل... المزيد
  • 10:55 . زوجة جاسم الشامسي توجه رسالة إلى الرئيس السوري الشرع... المزيد

المؤرخ ابن العديم يظهر في حلب

الكـاتب : أحمد بن راشد بن سعيد
تاريخ الخبر: 11-05-2016


بعد تدمير المغول مدينة بغداد وإسقاط الخلافة العباسية عام 656هـ/1258م، اتجهوا إلى حلب فهاجموها، وأمطروها بوابل من قذائف المنجنيق حتى استسلمت في 9 صفر 658هـ، وبعدها سقطت مدن وبلدات أخرى كالبيرة وحارم وحمص ومعرّة النعمان، وفي 17 صفر 658هـ، سقطت دمشق. وبدا العالم الإسلامي مستباحاً مكسوراً، حتى جاء يوم 25 رمضان سنة 658هـ، وهـزم المسلمون بقيادة سيف الدين قطز، صاحب مصر، جيش هولاكو المغولي في معركة «عين جالوت» التاريخية.
عندما زحف المغول إلى حلب، فرّ كثير من أهلها، ومنهم المؤرّخ والشاعر، كمال الدين بن العديم (660-588هـ)، مؤلف كتاب «بغية الطلب، في تاريخ حلب» (دوّن فيه تاريخ حلب منذ الفتح الإسلامي حتى عصره مترجماً كلّ من سكنها أو مرّ بها من الأعلام والأعيان، وراصداً تجاربه مع ملوك عصره). سافر ابن العديم إلى غزة ومنها إلى مصر، وبعد الهزيمة الساحقة للجيش المغولي، بل «إبادته» في «عين جالوت»، انهارت معنويات المغول في الشام، وثار عليهم المسلمون، وفي 30 رمضان (بعد النصر الكبير بأيام) دخل المظفر قطز دمشق، وتعقّب فلول الغزاة في المدن الشامية، فطهّرها منهم، وعادت حلب حرّة عزيزة. وعاد ابن العديم إلى مدينته، لكنه وجدها خراباً وأثراً بعد عين، فرثاها بقصيدة جاء في مطلعها:
هو الدهر ما تبنيه كفّاك يهدمُ
وإن رمتَ إنصافاً لديه فَتُظْلَمُ
ووصف ما حلّ بالشهباء فقال:
وعن حلبٍ ما شئت قلْ من عجائبٍ
أحلَّ بها يا صاحِ إنْ كنتَ تعلمُ
غداةَ أتاها للمنيّةِ بغتةً
من المُغْل جيشٌ كالسحابِ عرمْرمُ
فما دفعت أسوارُها عنهمُ الذي
دهاهم ولا ما شيّدوه ورمّموا
ويمضي ابن العديم راثياً حلب بأبيات تذكّر بقصيدة رثاء الأندلس لأبي البقاء الرُّندي المعاصر له (601-684هـ):
فلو حلبُ البيضاءُ عاينتَ تُرْبَها
وقد عَنْدَمَ الفضِّيَ من تُربِها الدمُ
وقد سُيّرت تلك الجبالُ وسُجّرت
بهنّ بحارُ الموت والجوُّ أقتمُ
وقد عُطّلتْ تلك العِشارُ وأُذهلتْ
مراضعُ عما أرضعتْ وهْي هُيَّمُ
ولا بد للشاعر أن يُصوّر أبشع ما في النكبة التي نزلت بالحلبيّين، وهو ما جسّده في هذه الأبيات:
فيا لكَ من يومٍ شديدٍ لُغامُهُ
وقد أصبحتْ فيه المساجدُ تُهدَمُ
وقد دَرَستْ تلك المدارسُ وارتمت
مصاحفُها فوق الثرى وهي ضُخَّمُ
وكلُّ مَهاةٍ قد أُهينتْ سبيّةً
وقد طالما كانت تُعَزُّ وتُكرَمُ
تنادي إلى من لا يجيبُ نداءَها
وتشكو إلى منْ لا يَرقُّ ويرحمُ
لماذا أقفرت حلب، وأين مغانيها، وكيف أصبحت يباباً؟ يتساءل ابن العديم:
فيا حلباً أنّى ربوعُكِ أقفرتْ
وأعيتْ جواباً فهي لا تتكلّمُ
وكنتِ لمن وافاكِ بالأمس جَنَّةً
فما بالُ هذا اليوم أنتِ جهنّمُ
يعزُّ على قلبي المُعَنَّى بأنني
أرى ربْعَكِ المأنوسَ قَفْراً ويَعْظُمُ
أنوحُ على أهليكِ في كلّ منزلٍ
وأبكي الدجى شوقاً وأسألُ عنهمو
ولكنَّما للهِ في ذا مشيئةٌ
فيفعلُ فينا ما يشاءُ ويحكمُ
يقول المؤرخون إن ابن العديم لم يستطع الإقامة فى حلب بعد ما حلّ بها من دمار، فعاد إلى مصر مهموماً، وتُوفي بعد عودته بقليل سنة 660هـ/ 1262م، ودُفن في سفح جبل المقطَّم بالقاهرة. تُرى ماذا سيقول الشاعر لو رأى ما أصاب مدينته اليوم من تدمير ممنهج بأسلحة غير قذائف المنجنيق والسيوف، ومن قتل جماعي للأطفال والنساء بأيدي من هم أشد همجية وكفراً من المغول؟ هل سيرثيها أم سيكتب:
ألا إن مهرَ النصر يا بلدتي دمُ
وعمّا قليلٍ ثغرُكِ الحلو يبسُمُ
فأنتِ لنا شهباءُ في العَتْمِ كوكبٌ
ولن يطفىء اللألاءَ كفرٌ مُعمَّمُ
لأنتِ لنا الجنّاتُ في الأرضِ رحْبةً
وأنتِ لجيشِ الباطنيِّ جهنّمُ;