أحدث الأخبار
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد
  • 12:52 . ولي العهد السعودي ووزير خارجية الصين يبحثان العلاقات المشتركة... المزيد
  • 12:25 . مستشار خامنئي: إيران ستدعم “بحزم” حزب الله في لبنان... المزيد
  • 12:16 . "التعليم العالي" تعرّف 46 جامعة بمزايا المنصة الوطنية للتدريب العملي... المزيد
  • 11:46 . وفاة 21 شخصا في فيضانات مفاجئة بالمغرب... المزيد
  • 11:10 . كيف تمددت "الشركة العالمية القابضة" في مفاصل اقتصاد أبوظبي؟... المزيد
  • 10:56 . الجزائر تنفي إنشاء وحدات مرتزقة لتنفيذ عمليات سرية في الساحل... المزيد
  • 10:55 . زوجة جاسم الشامسي توجه رسالة إلى الرئيس السوري الشرع... المزيد

الدولة العربية.. بين الصمود والانهيار ـ2ـ 2

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 19-04-2016


تحدثنا في مقال الأسبوع الماضي حول مآلات الدولة العربية في أعقاب الربيع العربي، واليوم نستكمل حديثنا حول تصور الدولة الحديثة الذي يقدمه أنصار التغيير عربيا، منذ نهايات الحرب العالمية الثانية كانت الدولة المدنية هي البديل الذي يطرح للملكية الشاملة والأنظمة التقليدية، هذا البديل وإن كان نظريا تحقق مع ظهور الجمهوريات العربية إلا أنه لم يتبلور على الأرض، هذه الجمهوريات خرجت بشكل مشوه كانقلابات عسكرية أو دول شمولية بغطاء جمهوري، ومع الموجة الأخيرة من المطالبات بالتغيير التي بدأت مع القرن الجديد رُفع مكررا شعار الدولة المدنية الديمقراطية كبديل طرحته كل القوى السياسية المعارضة الإسلامية والمدنية، وطُرح هذا البديل على أنه سبيل الخلاص والطريق إلى تنمية شاملة مستدامة في الوطن العربي.
بعد الربيع العربي ظهرت نماذج ديمقراطية إلى الوجود، عربيا لم يصمد منها إلا النموذج التونسي والمغربي جزئيا، هذان النموذجان يقعان الآن تحت المجهر بانتظار ما يفرزانه، النموذج الأول ديمقراطي مكتمل الأركان، والآخر مختلط ما زال الملك يتمتع فيه بصلاحيات واسعة في ظل حكومة أغلبية برلمانية، التجارب الأخرى الليبية واليمنية والمصرية دفعت بالعديد من المراقبين إلى التفسير البعدي المشوه، الذي يقول إن التغيير السلمي غير ممكن وإن التجربة الديمقراطية العربية أثبتت فشلها، بطبيعة الحال هذا تفسير مبني على تجربة واقعية محدودة كماً وكيفاً، فلم تتحقق لا في اليمن ولا في مصر ولا سوريا تجربة ديمقراطية يمر فيها التداول السلمي للسلطة حتى نستطيع تقييم التجربة، وفي مقابل أولئك ما زال مؤيدو الربيع يكررون شعارات ما قبل الربيع بأن الديمقراطية هي الحل السحري لكل مشاكل الأمة، لا شك أن التحول إلى أنظمة أكثر تشاركية سيسهم في تعزيز حكم القانون وفرص التنمية، لكن لا بد أن نكون كذلك على وعي بأن عملية التحول الديمقراطي لا يمكنها بمفردها تحقيق تحول اجتماعي سياسي مستقر شامل.
تشير دراسة أنجزها مجموعة من الباحثين الأميركيين، قيمت تجارب التحول إلى الديمقراطية خلال النصف الثاني من القرن الماضي، إلى أن الديمقراطية لا يمكن اعتبارها طريقا حتميا نحو الاستقرار والتنمية المستدامة، بل يؤكد الباحثون أنه عند مقارنة الدول التي خاضت التحول الديمقراطي بتلك التي أبقت على شكل من أشكال الحكم الشمولي لم يجدوا للديمقراطية فضلا على الحكم الشمولي من حيث النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي، لكن هذا لا يعني أن الديمقراطية فاشلة بالمطلق، هو فقط يشير إلى أن توهم أن الديمقراطية هي الحل الشامل السحري لا يوجد ما يدعمه من حيث التجربة.
أي أن الديمقراطية كنظام للحكم لا تؤدي بالضرورة إلى نمو في كل الأصعدة ولا تبشر باستقرار أبد الدهر، لكنها بلا شك أفضل وسيلة لتحقيق التشاركية والتداول السلمي للسلطة، كما أن التجربة البشرية لم تعرف حتى اليوم طريقا آخر يضمن استمرارا لتحقيق العدالة بشكل شامل، وكما قال أحدهم يوما: "الديمقراطية هي أسوأ نظام للحكم، إذا ما استثنينا كل الأنظمة الأخرى"، أي لها علاتها، لكنها تبقى أفضل من غيرها.
إذن، هل الدولة العربية صامدة بشكلها الحالي أم أنها مرشحة للانهيار لصالح دولة مدنية حديثة؟ ليست هناك في الحقيقة إجابة شافية، لكن الواقع يشير إلى أن هناك نمطين من التحول يواجهان مختلف الدول العربية ويتصفان بشيء من الحتمية، التحول التدريجي وتزداد احتماليته في الملكيات المستقرة، يتسم بمد وجزر بين السلطة المطلقة للحاكم والتنازل عن صلاحيات جزئية للسلطة التشريعية، هذا النموذج وإن كان طويل الأمد في التغيير إلا أنه الأنجع في التجربة التاريخية عربيا وعالميا، والأقل في الخسائر.
وهذا الاختيار غير متاح في ظل الأنظمة الجمهورية الشمولية خاصة العسكرية منها، التي تعتمد فيها المؤسسة الحاكمة على حالة القهر ودوائر المصالح السياسية لاكتساب شرعية غير موجودة، فبينما تتمتع الأسر المالكة بحالة عامة توافقية حول شرعيتها وإن واجهت معارضة لبعض الممارسات هنا وهناك، تفتقر الأنظمة العسكرية إلى هذه الحالة التوافقية وتكاد تعتمد بشكل كلي على التخويف من بديل الفوضى وإيثار حالة الاستقرار السلبي والدعم الدولي لها من خلال تحقيقها لأجندات خارجية على حساب المحلية، هذه الأنظمة مرشحة لحالة عدم استقرار، لكن لثبات طويلة، بين كل فترة وأخرى تزداد وتيرة الاحتجاجات على الممارسات الأمنية والفساد، لكنها تخبو مع القمع أو مع تحقيق مكاسب جزئية، وحسب المعطيات الحالية لا يتصور أن تسقط هذه الأنظمة بالكلية إلا لصالح حالة مقاربة للسورية والليبية تنتقض فيها مقومات الدولة، مما سيعود بهذه الدول عقودا للوراء.
الدولة العربية ليست حالة استثنائية، هي جزء من تطور التجربة البشرية السياسية التي تتعاطى مع كل مرحلة حسب احتياجاتها وحسب القوى والأفكار المهيمنة عليها، حاليا يواجه المواطن العربي نموذجين للدولة يقارن بينهما، الحكم الوراثي الشمولي المستقر والمدني الشمولي كذلك والمتعثر، نموذجا تونس والمغرب اللذان يعبران عن هذه الثنائية ولكن بشكل أكثر إيجابية، مرشحان ليكونا اختبارا حقيقيا لقدرة الدولة العربية على اجتياز تجربة الإصلاح السياسي بنجاح، العالم العربي اليوم يحيل نظره لتونس والمغرب ويحبس أنفاسه، بانتظار الدولة العربية الجديدة.