أحدث الأخبار
  • 09:57 . حماس توافق على مقترح مصري لتشكيل "لجنة إدارة غزة"... المزيد
  • 09:22 . الجولاني يدعو السوداني إلى "النأي بالعراق" عن أحداث سوريا... المزيد
  • 07:29 . مهمة الاتحاد الأوروبي البحرية: إنقاذ طاقم سفينة شحن في البحر الأحمر... المزيد
  • 07:13 . محكمة باكستانية تصدر أمر اعتقال لزوجة عمران خان... المزيد
  • 06:49 . المعارضة السورية تعلن دخول حماة والنظام يقر بسحب قواته إلى خارج المدينة... المزيد
  • 01:23 . باحثون: تناول الشكولاتة الداكنة يقلص خطورة الإصابة بداء السكري... المزيد
  • 12:36 . السعودية: نعمل على تعزيز الاستفادة من البحر الأحمر ترفيهيا واقتصاديا... المزيد
  • 12:06 . زوجة بايدن تزور أبوظبي قبل مغادرتها البيت الأبيض... المزيد
  • 11:48 . في تحول لافت.. قرقاش يقول إن أولوية الإمارات الخروج من دائرة العنف عبر الحوار... المزيد
  • 11:47 . البتكوين تتخطى حاجز 100 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها... المزيد
  • 10:53 . المعارضة السورية تقترب من تطويق حماة وموسكو تؤكد دعم الأسد... المزيد
  • 10:52 . استقرار أسعار الذهب مع حذر الفيدرالي الأمريكي في خفض الفائدة... المزيد
  • 10:47 . استقرار النفط مع تزايد الاهتمام بقرار "أوبك+" المرتقب... المزيد
  • 10:43 . رئيس وزراء قطر: ترامب يريد وقف حرب غزة بوصوله للسلطة... المزيد
  • 12:22 . الفيفا تعلن بث مباريات كأس العالم للأندية مجانا... المزيد
  • 12:03 . غزة.. استشهاد 20 فلسطينيا بقصف الاحتلال للنازحين في المواصي بخان يونس... المزيد

ماهي "G42"؟ وكيف يستخدمها الشيخ طحنون لبسط نفوذه في الدولة؟

تقرير خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 15-06-2022

  • ما هي شركة "G42" الإماراتية؟

هي شركة تأسست في 2018، تحت غطاء "الذكاء الاصطناعي والحوسبة"، لكنها مرتبطة بشكل كبير بالدور الأمني والتجسسي لأبوظبي.

  • كيف يستخدمها الشيخ طحنون بن زايد لتوسيع نفوذه؟

عبر  إدارة ملفات حساسة تساعده على بسط نفوذه عالمياً وإقليمياً ومحلياً، وحتى داخل الأسرة الحاكمة.

  • مثل ماذا؟

مثل تصميم برامج تجسس، والتعاقد مع شركات أجنبية واسعة في هذا المجال، والاستعانة بضباط استخبارات من عدة دول، بينها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.

شهد العقد الأخير صعود نجم الشيخ طحنون بن زايد، حيث أصبح مسؤولا عن أكثر القضايا حساسية في دولة الإمارات، سواء ملف الحريات الداخلية، أو قضايا الأمن والتعاون الاستخباراتي مع دول كالولايات المتحدة والكيان الصهيوني، فضلا عن قيادته لمساعي البلاد في تحسين العلاقات مع غرماء إقليميين كقطر وتركيا وإيران.

واتخذ الشيخ طحنون من ما تسمى "مجموعة 42" أو "G42" ذراعاً طويلة له للإحكام على تلك الملفات الحساسة، على صعيد الأمن الداخلي والخارجي، وعلى صعيد العلاقات المدعومة بالمال الأسود.

 

فمن هو الشيخ طحنون؟

رسميا، يحتل الشيخ طحنون المرتبة الثالثة في هرم السلطة في الإمارات بعد رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد، و حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهو مستشار الأمن الوطني (جهاز الأمن).

وتولى طحنون بن زايد منصب رئيس الدائرة الخاصة لوالده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من العام 1996 وحتى وفاته عام 2004، ثم تولى منصب رئيس مجلس إدارة هيئة طيران الرئاسة في الفترة من 2009-2013.

كما أنه يشغل منصب رئيس مجلس إدارة أبوظبي القابضة (ADQ ) وهي شركة قابضة حكومية تأسست في 2019 والتي أصبحت بسرعة واحدةً من أكثر المستثمرين نشاطاً في الإمارة. كما يرأس بنك أبوظبي الأول، أكبر بنك في الإمارات، والذي تمتلك فيه الحكومة والأسرة الحاكمة حصصاً كبيرة، إضافة لرئاسته تكتل رويال جروب.

الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان (وسط الصورة)

محاولة تنظيم ومهام متعددة

رغم الإمكانيات الاستخبارية الكبيرة لدى أبوظبي؛ إلا أنها كانت مبعثرة على الهيئات والأجهزة الأمنية على اختلاف مسمياتها، حتى تم الخروج بفكرة في العام 2018، بإنشاء مجموعة أطلق عليها "G42"، وتصف نفسها بأنها شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي وما يعرف بالحوسبة السحابية، أو توفير موارد تقنية المعلومات كقواعد البيانات والتخزين حسب الطلب عبر الإنترنت.

وُلدت "G42" من رحم الدور الأمني للشيخ طحنون، وظل راعياً لها منذ نشأتها، إلى أن تم تعيينه رئيساً لها في مطلع 2021م.

على عكس كونها شركة تجارية؛ تُظهر هذه المجموعة هدفها الأمني ووظيفتها كأداة للاستراتيجيات السياسية للسلطة في أبوظبي. على سبيل المثال، كانت "G42" أول شركة إماراتية تفتح مكتبًا في الأراضي المحتلة (إسرائيل) بعد التطبيع. كما دخلت في شراكة مع شركة (BGI) الصينية لفتح مختبر لفيروس كورونا في أبوظبي وإجراء تجارب للقاح، كجزء من منظومة تعاون سياسي. وهو الأمر ذاته بالنسبة للشركات والمؤسسات التي يديرها الشيخ طحنون.

وتقوم هذه المجموعة بالكثير من المهام التي يتداخل فيها القمع الأمني الداخلي مع السياسة الخارجية الإماراتية، أبرزها:

بيغاسوس: تملك المجموعة جانباً داخلياً أكثر قتامة (تمثل العقلية الأمنية لقيادتها)، وتقوم باستخدام التجسس على معظم المواطنين الإماراتيين والمقيمين، وفي مقدمتهم المنتقدين والمعارضين المحليين. فقد تم الحكم على الناشط الإماراتي أحمد منصور، بالسجن 10 سنوات في 2018 بتهمة إهانة "مكانة وهيبة الإمارات ورموزها". حيث تم استهداف هاتفه من قبل أجهزة الأمن باستخدام برنامج "بيغاسوس" الذي أنتجته مجموعة (NSO) الإسرائيلية.

حسب رسائل مسربة في عام 2015، كانت شركة (Mauqah Technology) للتكنلوجيا -المرتبطة بـ"مجموعة 42"- هي المشغل لنشر برامج التجسس، وباعتها الشركة التي تحمل الاسم ذاته بقيمة 1.2 مليون يورو، و سجلت  قاعدة بيانات العملاء المسربة لشركة (Hacking Team) هذا العميل باسم "UAEAF" و"UAE Air Force ". وفي ذلك الوقت، كان الشيخ طحنون رئيسًا للفريق الذي تعاقد مع تلك الشركة.

وما زالت قضية برنامج بيغاسوس (Pegasus) التجسسي تكشف المزيد من الخفايا كل يوم، وكان في البداية مملوكاً لشركة "دارك ماتر" لكن يبدو أن بعض أصول "دارك ماتر" نُقلت لصالح المجموعة الأم "G42" بما في ذلك شركة بيغاسوس وتم تغيير اسمها من (Pegasus LLC) لشركة (PAX AI). و"بيغاسوس" المملوكة لشركة (NSO) الصهيونية كانت مسؤولة عن شراكة واسعة مع إدارات الأمن في معظم الإمارات، ما يضع علامة استفهام حول مقدار المعلومات التي يملكها الكيان الصهيوني عن الإمارات.

ارتبطت الشركة الإسرائيلية (NSO) بشراكة أمنية واسعة مع الإمارات تتعلق بالتجسس 

وعندنا كانت بيغاسوس تحت إدارة "دارك ماتر" ضمن مكتب خاص- تواجدت الشركة في ذات المبنى- الذي توجد فيه استخبارات الإشارات (SIA)، المعروفة سابقًا باسم الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني (NESA)، والذي كما يبدو أعاد تفعيل شراكته مع "G42".

وفي عام 2017 وقعت هواوي الصينية مع (PAX AL) مذكرة تفاهم عالمية (MoU) بشأن حلول "المدينة الذكية" وتحليل البيانات الضخمة، والتي ستسمح لـ"G42" بالمراقبة والتعرف على الوجوه والتجسس داخل الإمارات. وقد يفسر ذلك سببا واحداً لتمسك أبوظبي بالشراكة مع هواوي في ظل الضغط الأمريكي بالتخلي عنها.

دارك ماتر والتجسس الإقليمي: على الرغم من أن "G42" نفت ارتباطها بشركة دارك ماتر (DarkMatter) سيئة السمعة؛ حيث يقوم مسؤولو استخبارات إماراتيون وموظفون سابقون في وكالة الأمن القومي الأميركي وعناصر سابقين من الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، بالتجسس والقرصنة؛ إلا أنها مرتبطة ارتباطا عضويا بها؛ إذ تتشارك معها الرئيس التنفيذي "بينغ شياو" (Peng Xia). والدور الذي قامت به دارك ماتر من تجسس وكشفته تحقيقات دولية، بما في ذلك المشروع المعروف بـ"ريفين" الذي تجسس على مئات النشطاء والقادة السياسيين في الإمارات والخليج والعالم. وأكدت تحقيقات ارتباط دارك ماتر بشكل مباشر بـ"G42" وجهاز الأمن. وتخضع "دارك ماتر" لتحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي، بخصوص جرائم إلكترونية محتملة.

تواجه "دارك ماتر" عدة تهم بالتجسس، وتخضع للتحقيق في الولايات المتحدة

التجسس عبر التطبيقات: تقوم "G42" بالتجسس على السكان والمواطنين عبر التطبيقات، إلى جانب المراقبة المستمرة على شركات الاتصالات الوطنية العاملة في الدولة، فتحظر المكالمات الصوتية عبر تطبيقات الإنترنت، وتجرّم استخدام (VPN) الذي يسمح بتجاوز الحظر.

لكن في ذات الوقت برز تطبيق يدعى (ToTok) سمحت الحكومة الإماراتية باستخدامه في الاتصال المجاني، وروّجت له في الصحافة الرسمية، كما يظهر في صحيفة الاتحاد المملوكة لأبوظبي في 28 أغسطس و29 أغسطس 2019. لكن كشفت تحقيقات أن الإمارات تستخدم التطبيق كأداة تجسس على مستخدميه، "عبر سرقة بيانات الهاتف، ومعرفة موقع مستخدمي التطبيق، والتجسس على المحادثات، سواء الصوتية أو المصورة، بالإضافة إلى إمكانية الوصول إلى ميكرفون الهاتف وكاميرته". 

في حين حظرت السلطات الإماراتية الاتصال عبر برامج التواصل الاجتماعي؛ سمحت بذلك عبر تطبيق "ToTok"

بعد نشر التحقيقات أزالت آبل وجوجل التطبيق من متاجرها. ولم يكن خافياً أن تكون "G42" تمتلك التطبيق.  وحذرت المخابرات الأمريكية حلفاءها من استخدام هذا التطبيق، بما في ذلك البعثات الدبلوماسية في الإمارات.

وجود مثل هذا التطبيق فكرة مخابراتية تمثل جريمة بحد ذاتها، إذ تُحظر الاتصالات المجانية وفتحها لبرنامج يتم التجسس من خلاله. وتكلفته أقل بكثير من أدوات اختراق أنظمة الهواتف، إذ أن قيمة الأداة التي تمكن السلطات من اختراق نظام آندرويد يمكن أن تصل إلى 2.5 مليون دولار وفقاً للأسعار الحالية. وبواسطة هذا التطبيق حصل جهاز الأمن بشكل مجاني على معلومات ملايين المشتركين.

الحصول على المعلومات بشراكات ظاهرها المساعدة: تقوم "G42" بعرض المساعدة لمؤسسات طبية وسياسية، وتزايد ذلك مع أزمة كورونا. على سبيل المثال، اكتسبت "G42" منفذاً للدخول إلى جنوب نيفادا الأمريكية، بعد أن أبرمت فرقة عمل "كوفيد 19" في لاس فيغاس صفقة في مايو 2020 مع المجموعة الإماراتية، على الرغم من علاقات المجموعة مع أجهزة الاستخبارات الإماراتية. وتساءل مختصون عن حجم المعلومات التي ستتمكن المجموعة من الحصول عليها عبر تقديم هذه المساعدة.

السيطرة والتجسس على المعلومات التجارية: برزت "G42" كواحدة من الشركات التي تسعى للوصول لمعظم معلومات الاقتصاد والتجارة في الشرق الأوسط. على سبيل المثال يبرز تعاقد المجموعة مع شركات اتصالات، وشركات تخزين المعلومات مثل "خزنة" هذا التوجه السلطوي لأبوظبي. وعلى الرغم من أن المجموعة تقدم نفسها كشركة تجارية في هذا الموضع؛ إلا أن ارتباطها بالمخابرات ينسف أي إجراءات حماية متوقعة للبيانات.

وقّعت "G42" عدة اتفاقيات مكنتها من التوغل داخل كبرى الشركات الإماراتية

الجينوم البشري في الإمارات: قامت "G42" بإدارة مشروع الجينوم البشري في الإمارات، لتحديد تسلسل الحمض النووي لسكان الدولة، ومنصة ذكاء جغرافي مكاني (GEOINT) تدمج صور الأقمار الصناعية وأشكالا أخرى من الصور. وفي 2021 كشفت تقارير خاصة عن توظيف مجموعة أبوظبي القابضة (ADQ) التي يرأسها الشيخ طحنون، خبراء فرنسيين بهدف تطوير مشاريعها، بالتعاقد مع عدد من شركات التوظيف الفرنسية في إطار تطوير برامجها الرئيسية، للمساعدة في هذا المشروع. ومشروع "الجينوم البشري" الإماراتي، هو حلقة جديدة لتعزيز سيطرة نظام أبوظبي على الإماراتيين، رغم أنه وضع تحت شعار "تقديم رعاية صحية متميزة" لكن الأبعاد الأمنية والاستخباراتية حاضرة بقوة بين ملامح هذا المشروع من ناحيتين:

الأولى: أنه سيستخدم لمطاردة المواطنين وجمع معلومات واسعة ومتعددة عنهم، لا تملك السلطات حقاً في الحصول عليها.

والثانية: أنه يمثل خطراً على الأمن القومي للإمارات، إذ أن وجود خبراء وشركات أجنبية قائمة على المشروع يوصل المعلومات إلى جهات مخابراتية أخرى، ما يهدد الأمن القومي للدولة؛ حيث يستعين في هذا المشروع بخبراء هنود وصينيين وفرنسيين وإيطاليين.

تداعيات استمرار هذا النهج

تقوم "G42" بمهام تتعلق بالسلطة السياسية لأبوظبي، تحت غطاء ممارسة الأعمال التجارية. تترابط هذه الممارسات السلطوية بشركات عديدة بالقطاع الخاص مملوكة بشكل مباشر أو غير مباشر للشيخ طحنون بن زايد، ما يدفعنا إلى الإشارة لثلاثة أمور متعلقة بها:

الأمر الأول: أن مخاطر تحوّل الأجهزة الأمنية والمخابراتية الوطنية لخدمة الأفراد بدلاً من الوطن أصبحت حقيقة ماثلة تطورت خلال عَقد، ويوضح دور المجموعة كظل لجهاز أمن الدولة أن تلك الممارسات لا تمتثل إلى الرؤية الوطنية الجامعة، بل لرؤية وأهداف أشخاص بعينهم.

 الأمر الثاني: الخلط بين المؤسسات العامة والخاصة، والتداخل بين "المشيخة والتجارة"، يعزز استئثار الطبقة الحاكمة والمتنفذة بمقدرات الدولة، ومزاحمة الإماراتيين في الأنشطة التجارية والبحثية، ناهيك عن التأثير السلبي على صورة الإمارات كاقتصاد ليبرالي يفترض أنه قائم على السوق المفتوح، وعدالة توزيع الفرص.

الأمر الثالث: ما كان ليحدث كل هذا التعتيم حول تلك الأنشطة المشبوهة لـ"G42" لو كانت هناك استجابة للإصلاحات الوطنية التي طالب بها مئات المثقفين منذ عقد، والمتمثلة بمجلس وطني كامل الصلاحيات منتخب من كل أبناء الشعب، يقوم بدور المراقبة و المحاسبة الحقيقية لضمان الحفاظ على ثروات الإماراتيين، واستقلالية مؤسساتهم عن صراعات المتنفذين وأطماعهم.