أحدث الأخبار
  • 10:47 . المغربي سفيان رحيمي يقود العين للفوز على الهلال السعودي برباعية في أبطال آسيا... المزيد
  • 09:17 . "فيفا": خروج برشلونة يؤهل أتلتيكو مدريد إلى "مونديال الأندية 2025"... المزيد
  • 09:02 . الإمارات تتعهد بتقديم 100 مليون دولار لدعم السودانيين... المزيد
  • 08:51 . مجلس الوزراء يمدد "العمل عن بُعد" الخميس والجمعة لموظفي الحكومة الاتحادية... المزيد
  • 07:42 . "الداخلية" تعلن انتهاء المنخفض الجوي وتحسن الأحوال الجوية... المزيد
  • 07:06 . مركز حقوقي: أبوظبي تمارس ضغوطاً وانتهاكات ضد محامي أعضاء "الإمارات 84"... المزيد
  • 06:57 . البحرية الإيرانية: سنرافق سفننا التجارية من خليج عدن إلى قناة السويس... المزيد
  • 06:21 . جرائم غير مرئية.. قذيفة إسرائيلية واحدة تقضي على خمسة آلاف جنين أطفال أنابيب في غزة... المزيد
  • 05:39 . خبير أرصاد: "الاستمطار الصناعي" وراء فيضانات الإمارات... المزيد
  • 12:41 . "بنية تحتية هشة".. غرق شوارع مدينة دبي يشعل مواقع التواصل... المزيد
  • 12:16 . تحت غطاء نشر التقنيات الحديثة.. مايكروسوفت تستثمر 1.5 مليار دولار في "G42"... المزيد
  • 12:06 . وسط معارضة أمريكية.. مجلس الأمن يصوّت الخميس على عضوية فلسطين... المزيد
  • 12:01 . مجلس الحرب "الإسرائيلي" يرجئ اجتماعه بشأن الرد على إيران... المزيد
  • 11:58 . رئيس الدولة وولي العهد السعودي يبحثان تداعيات التصعيد العسكري في المنطقة... المزيد
  • 11:56 . قطر والسعودية تدعوان لخفض التصعيد بالمنطقة ووقف إطلاق النار بغزة... المزيد
  • 11:53 . "مصدر" تستثمر أربعة مليارات درهم في مشاريع الذكاء الاصطناعي... المزيد

مفاعلات "براكة" النووية.. مشروع وطني كبير يدعمه الإماراتيون ولكنه يثير مخاوفهم أيضا!

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 06-02-2020

تعتبر الطاقة على اختلاف أنواعها ومصادرها الشغل الشاغل لجميع دول العالم، كونها تشكل مصدر قوة اقتصادية هائلة وموردا ماديا لا غنى عنه لمجالات التنمية المختلفة، وتعتبر شرطا مهما لتحقيق المزيد من مظاهر السيادة والاستقلال على الصعيد السياسي. بهذا الفهم المعمق للطاقة النووية خصوصا، ومصادر الطاقة الأخرى، أظهر استطلاع للرأي تأييدا كاسحا من جانب الإماراتيين لمشروع براكة الذي يضم المفاعلات النووية الأربعة التي تعتبر أول مفاعلات نووية عربية قائمة. ولكن، الموقف الشعبي الإماراتي لم يخل من تساؤلات وتحفظات متزايدة نحو المفاعلات. فما هي مخاوف الإماراتيين من هذا المشروع الوطني الاستراتيجي؟!

ما هو مشروع "براكة" النووي، ومواصفاته الفنية؟

أواخر 2009، أعلنت الإمارات توجهها لبناء مفاعل نووي "سلمي" بهدف إنتاج الكهرباء. وأطلقت أبوظبي برنامجها للطاقة النووية بمنح عقد بقيمة 40 مليار دولار لشركة "كونسورتيوم" الكورية الجنوبية لبناء أربعة مفاعلات نووية، وتشغيلها بصورة مشتركة لمدة 60 عاماً. وسيكون المفاعل أول مفاعل نووي في شبه الجزيرة العربية.

"مؤسسة الإمارات للطاقة النووية" هي التي تتولى الإشراف على بناء أربعة مفاعلات متشابهة في موقع "براكة" بمنطقة الظفرة في إمارة أبوظبي. وعندما يبدأ تشغليها فستنتج 5.6 غيغا واط من الطاقة الكهربائية.

وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أجرته شركة لقياس الرأي، ارتفاع دعم سكان الإمارات للبرنامج النووي السلمي ليصل إلى 83 % وذلك بزيادة 13 % عن آخر الاستطلاعات التي أجريت في 2013. ولكن، ما يوجب التوقف عنده هو أن هذا الاستطلاع تم بدعم وتمويل من مؤسسة الإمارات الطاقة النووية القائمة على المشروع، ما يعني أنها طرفا غير محايد بالنسبة لنتائجه.

والجدير ذكره أن تشغيل المفاعلات كان مقررا أن يبدأ في 2017، ولكنه تعرض لعدد لا متناه من التأجيل، وسط المزيد من التساؤلات حول أسباب ذلك.

 

من هي الشركة المنفذة وعيوب التصنيع وشبهات الفساد؟

استأجرت أبوظبي "هيئة كوريا الجنوبية للكهرباء" لبناء المفاعلات. ويؤكد خبراء الطاقة الدوليون، أن هذه الشركة لم توقع إلا عقدا مع الإمارات فقط. وقالت مجلة "فوربس" مؤخرا، أن "عقد الإمارات مع كوريا الجنوبية يظل العقد الوحيد، حيث لم تكن الشركة الكورية قادرة على تكرار العقد الموقع مع أبوظبي في أماكن أخرى رغم مبادرات من ليتوانيا وتركيا وفيتنام وبريطانيا".

وأشارت المجلة، في تقرير صدر في  ديسمبر الماضي،  بعنوان: "طموحات الخليج النووية: مفاعل جديد في الإمارات"، أعده "دومينك دادلي"، إلى تصدعات مباني الاحتواء في المفاعلات الأربعة، حيث تم تعليق العمل فيها حتى يتم إصلاح الصدوع. وتعرضت الشركة الكورية البانية للمفاعل لفضيحة من خلال استخدام أجزاء مزيفة في المفاعل الكوري، وهناك خلاف بين الكوريين ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية بشأن استبدال العمال.

ومن جهته، أشار بول دورفمان، مؤسس مجموعة الاستشارات النووية (نيوكلير كونسالتينغ غروب)، إلى أن تصميم المفاعل المستخدم في البراكة لا يحتوي على ملامح إضافية مثل ملامح احتواء للمفاعل أو الغلاف الحامي للمفاعل حالة انصهاره ومنع تسرب المواد النووية، وهي “ملامح مهمة للتصميم يتوقع وجودها في كل المفاعلات النووية في أوروبا”.

وملامح التصميم هذه مهمة، كونها تمنع من تسرب الإشعاعات النووية في حالة تعرضت المفاعلات لحادث أو هجوم مدبر.

ومن جهة ثانية، طالب "يو سونغ مين"، زعيم حزب الإصلاح المعارض في كوريا الجنوبية،  بإجراء تحيق برلماني في زيارة رئيس كوريا الجنوبية إلى أبوظبي، وسماها "فضيحة محطات الطاقة النووية الإماراتية".

وتقول رواية الحزب إنه "حين فتحت النيابة العامة تحقيقًا بحق الرئيس الأسبق لي ميونغ باك، الذي وقع على مشروع بناء المحطات في الإمارات، على خلفية مزاعم بتجاوزات بهذه الاتفاقية، غضب الجانب الإماراتي من إجراء هذا التحقيق، وهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية ونشأ توتر بين الجانبين، ما دفع الرئيس الكوري الحاليّ إلى إرسال كبير مساعديه بصورة مفاجئة لترضية الجانب الإماراتي".

وانتشرت شائعات حول أن الرئيس سافر بسرعة إلى أبوظبي لتهدئة مخاوفها بشأن التأثير المحتمل لسياسة الرئيس "مون" النووية للتخلص من التزام سيئول بتصدير وتشغيل مفاعلات الإمارات.

ما هي المخاوف الإقليمية البيئية والأمنية والسياسية والفنية حول المفاعلات الإماراتية؟

"ما مدى أمن وسلامة محطة الطاقة النووية الإماراتية؟"، هذا ليس فقط تساؤل الإماراتيين، وليس تساؤلا سياسيا، وإنما هو تساؤل فني بحت،  طرحه "دومينك دادلي" في مجلة "فوربس"، كما أسلفنا.

"دادلي"، ومجلة "فوربس"، تقاطعت تماما مع ما أثاره "بول دورفمان"، وباتت أبوظبي أمام عدد من الأسئلة حول سلامة وأمن وآثار المفاعلات على البيئة.

ويرى "دورفمان"،  أن بناء المفاعلات النووية مثير للجدل في أنحاء مختلفة من العالم، ولكنه أكثر جدلا في منطقة الخليج حيث تقع في قلب العاصفة الجيوسياسية مع إيران. وهو ما يثير، أيضا، مخاوف من انتشار الطاقة النووية وتدمير البيئة.

وأشار الكاتب إلى أن تطمينات سلطان الجابر، مؤخرا، حول سلامة المفاعلات لم تقنع الكثيرين.

كارثة تشرنوبل النووية عام 1986 والتي خلفت دمارا واسع النطاق في أوكرانيا

وعاد "دورفمان "، وأصر على طرح تساؤل جوهري: "ما مدى التزام السلطات الإماراتية المتوقع في مشروعها النووي السلمي رغم التحذيرات من مخاطره البيئية، وعدم توجهها لتخصيب اليورانيوم وصناعة أسلحة أو قنابل نووية في منطقة تعج بالتوتر؟".

ويرى البعض، أن هذا التساؤل مبررا، بالنظر إلى ما أسموه "دورها البارز في التخريب" بالمنطقة العربية، والإسلامية، على حد تشاؤمهم.  صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية أثارت هذه القضية أيضا، في نوفمبر الماضي،  في مقال بعنوان: "مفاعل الإمارات النووي قد يؤدي إلى سباق تسلح في الشرق الأوسط".

وحذرت الصحيفة، على لسان عالم نووي بارز، من تكرار الإمارات لكارثة "تشرنوبل" في منطقة الخليج، وهي أكبر كارثة تسرب نووي عالمي حدثت في أوكرانيا التابعة للاتحاد السوفييتي سابقاً عام 1986.

ونقلت الصحيفة عن بول دورفمان، أيضا، قوله: إن "مفاعل براكة في الإمارات يفتقر إلى إجراءات الأمان الأساسية، ويمثل خطراً على البيئة، وقد يمثل هدفاً للجماعات الإرهابية، وقد يكون جزءاً من مخطط لإنتاج أسلحة نووية".

وأردف دورفمان: "دوافع بناء هذا المفاعل قد تكون مختفية عن العيان، إنهم يفكرون بصورة جدية في الانتشار النووي"، ولكن الإمارات تؤكد أنها ملتزمة بـ "أعلى مستويات الأمان والسلامة النووين، وبعدم انتشار الأسلحة النووية".

ورغم أن الإمارات قد وقعت على وثيقة تؤكد عنصري السلامة وحظر الانتشار النووي، والامتناع عن التخصيب، وإعادة معالجة الوقود النووي محلياً لاستخدامها بسهولة في أغراض غير سلمية، فإن ذلك غير مضمون، وفق مراقبين، حيث انتهكت عدة اتفاقيات دولية أخرى.

وأضافت الصحيفة، وقد أدى ذلك، إلى تكهنات بأن الإمارات تتأهب لسباق تسلح نووي مع طهران.

وفي ذات المخاوف، حذرت قطر من خطورة محطة براكة النووية على الأمن الإقليمي والبيئة بالمنطقة في رسالة بعثتها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

"يوكيا أمانو"

وفي خطاب موجه إلى المدير العام للوكالة "يوكيا أمانو"، أكدت الدوحة أن لديها "مخاوف خطيرة بشأن تشغيل المفاعلات".

وشددت قطر في الرسالة على أن "عدم وجود أي تعاون دولي مع الدول المجاورة فيما يتعلق بالتخطيط للكوارث والصحة والسلامة وحماية البيئة، يشكل تهديدا خطيرا لاستقرار المنطقة".

وفي ذات السياق، أعلنت دولة الكويت تخليها عن فكرة إنشاء مشروع مفاعل نووي سلمي، "في انتظار التوصل إلى تقنيات حديثة أكثر أماناً".

وقال المسؤول الكويتي نادر العوضي: إن كارثة مفاعل فوكوشيما في اليابان أدت إلى تراجع الكويت عن المشروع، مشيراً إلى أن قرار إعادة النظر في المشروع مرهون بالتوصل إلى تقنيات حديثة أكثر أماناً. وبيّن أن انخفاض أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة جعل من استخراج الكهرباء ومصادر الطاقة بواسطة المفاعلات النووية أكثر كلفة وفق دراسة اقتصادية جرت أخيراً؛ هذا بالإضافة إلى صغر الرقعة الجغرافية للكويت، والحاجة إلى كميات كبيرة من مياه التبريد لعمل المفاعلات.

ما هي مخاوف الإماراتيين وتحفظاتهم بشأن المفاعلات؟

الخشية لدى الإماراتيين بشأن درجة الأمان المنخفضة التي ستواجه مفاعلات أبوظبي، تفوق في خطورتها وحساسيتها مخاوف دول الإقليم. ففي 2017، أعلن الحوثيون أنهم قصفوا  مفاعل براكة بصاروخ، إلا أن أبوظبي نفت ذلك، وقالت إن "لديها نظاماً للدفاع الجوي للتعامل مع مثل هذه التهديدات". ومع ذلك، فلا يزال خطرا كهذا قائما. ولو تعرض المفاعل لهجوم أو حادث فإنه سيترك تداعيات كبرى على السكان الإمارات.

استهداف حوثي مزعوم للمفاعلات الإماراتية

كما يتخوف الإماراتيون من احتمال تضرر المفاعل النووي من التغيير المناخي، والذي قد يؤثر على خصائص التبريد فيه. ففي ظل التغير المناخي الذي تشهده الأرض، من ارتفاع كبير في درجات الحرارة، تصبح مثل هذه المشاريع أشد خطراً على البيئة، خصوصاً أن جو الإمارات شديد السخونة في الصيف.

وعلق "دورفمان" على ذلك، قائلاً: إن: "المفاعل سيكون عرضة للتغير المناخي ولدرجات حرارة قصوى قد تؤثر على نظامه الخاص بالتبريد".

ومن جانبها، قالت اللجنة الدولية المعنية بتغير المناخ: إن "الأحداث الشديدة في مستوى سطح البحر من المرجح أن تحدث الآن بشكل متكرر، ما يعني أن محطات الطاقة الساحلية، مثل براكة، قد تصبح بلا حماية ضد ارتفاع منسوب مياه البحر، ودخول المد والجزر وتزايد العواصف".

وما يلفت انتباه الإماراتيين بهذا الصدد، أنه أبوظبي تتجاهل بإصرار تقديم أية توضيحات لعشرات الجهات المعنية فنيا وإعلاميا وسياسيا بالطاقة النووية، وهي تحاول التأكد من مدى سلامة مفاعل "براكة" ودرجة أمانه على السكان. وما يثير استياء الإماراتيين والسكان، هو أن أبوظبي لا تقدم أي نوع من التوعية والتثقيف للجمهور لمواجهة أي كارثة نووية محتملة، سواء وقعت لأسباب طبيعية أو بأييد بشرية، تاركة ملايين السكان تحت تصرف جهات لطالما أخفقت في التعامل مع عواصف مطرية لا تشكل تهديدا في الغالب!