أحدث الأخبار
  • 09:04 . وزير إسرائيلي يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو إذا منع وزراء فيها صفقة مع حماس... المزيد
  • 08:21 . أرسنال يعزز صدارته للدوري الإنجليزي بفوز مثير على توتنهام... المزيد
  • 07:24 . على خلفية المظاهرات المؤيدة لغزة.. عبدالله بن زايد يذكِّر الأوروبيين: لقد حذرتكم من الإسلاميين... المزيد
  • 07:17 . وزير الخارجية البحريني يصل دمشق في أول زيارة منذ الثورة السورية... المزيد
  • 07:11 . اجتماع عربي إسلامي في الرياض يطالب بعقوبات فاعلة على الاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 12:16 . "الأرصاد" يحذر من تأثر الدولة بمنخفض جوي خفيف اعتباراً من الثلاثاء... المزيد
  • 11:48 . محمد بن راشد يعتمد تصاميم مبنى المسافرين الجديد في مطار آل مكتوم الدولي... المزيد
  • 11:47 . "أدنوك للإمداد والخدمات" تعقد أول جمعية عمومية سنوية في 29 أبريل... المزيد
  • 11:01 . المركزي: 41.6 مليار درهم ودائع جديدة قصيرة الأجل مطلع العام... المزيد
  • 10:48 . العين يخسر أمام الأهلي ويبتعد من مطاردة الصدارة والبطائح يخطف نقطة من الشارقة... المزيد
  • 10:48 . قطر تسعى لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية 2036... المزيد
  • 10:47 . مانشستر يونايتد يتعثر أمام بيرنلي وشيفيلد يونايتد يهبط للدرجة الثانية في الدوري الإنجليزي... المزيد
  • 10:43 . ثورة الجامعات الأمريكية.. الشرطة تواصل اعتقال عشرات المحتجين المؤيدين لفلسطين... المزيد
  • 10:40 . طيران الخليج البحرينية تستأنف رحلاتها للعراق بعد انقطاع أربعة أعوام... المزيد
  • 10:38 . الحرب على غزة تتصدر مناقشات قمة اقتصادية عالمية في السعودية... المزيد
  • 10:15 . إثر تعرضهم لحملات تشويه.. نشطاء أوربيون يفتحون ملف تجسس أبوظبي ويطالبون بمحاسبتها... المزيد

كوابيس المجال التواصلي الرقمي المقبلة

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 18-01-2019

كوابيس المجال التواصلي الرقمي المقبلة | القدس العربي

منذ عام 1960 تنبأ الأكاديمي المنظر مارشال مكلوهان بأن مجيء وازدياد التواصل الإلكتروني سينقل الأنظمة والعلاقات الاجتماعية من حالة الاستقرار والسلام المدني إلى حالة رجوع ما سماها بالعلاقات القبلية. وقد قصد بالعلاقات القبلية التفريخ المتنامي لأشكال لا حصر لها من الولاءات والاصطفافات الفرعية الملائمة لفكر وثقافة وسلوك وتحيزات ونفسية الفرد.
وكنتيجة لتلك الولاءات والانحيازات، في السياسة والعادات والملبس، والميول الجنسية، والتعصبات العرقية والتشنجات الدينية والمذهبية، والسلوكيات العدوانية تجاه الأطفال أو المرأة أو الآخرين… ستنتج صراعات وتراجعات للانسجام والتناغم الإنساني، ما سيؤدي إلى أزمة خطرة في هويات المجتمعات، ستتراجع الهوية المجتمعية والوطنية الجامعة وستسود الهويات المفرِقة المجزِءة.
ما أخاف مارشال مكلوهان هو أن بروز تلك العلاقات القبلية والوصول إلى أزمة الهوية الوطنية، سيدمران الأسس التي قامت عليها الأنظمة الديمقراطية في الغرب، وسيقودان إلى علاقات العنف واجتثاث الآخر. وهذا سيعني تراجعا كبيرا في الحياة السياسية وصعودا كبيرا للبربرية والتوحش.
اليوم بدأت نذر تلك النبوءة تظهر في الغرب، وبدأ العديد من الباحثين الاجتماعيين وكتاب السياسة يتحدثون عن اقتراب مجتمعاتهم من معركة وجودية، بين تكنولوجيا التواصل الإلكتروني الاجتماعي، بتنظيماتها وممارساتها الحالية المليئة بالسلبيات، والنظام الديمقراطي برمته. ويعطون كأمثلة على نذر تلك المعركة الوجودية ظاهرة الصعود المذهل للحركات والأحزاب الشعبوية المعادية للأجانب واللاجئين السياسيين، ولكل أنواع التسامح مع الآخر، وظاهرة الممارسات النرجسية السياسية من قبل بعض القادة السياسيين المنتخبين، أمثال الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب. فإذا كان الغرب يواجه إشكالية مع التواصل الرقمي الذي أطلق عنان العواطف والسلوكيات المريضة في الحياة السياسية، فإننا نستطيع أن نتصور المخاطر الهائلة التي تنتظرنا، نحن في المجتمعات العربية التي تعاني من صراعات تاريخية متخيلة، ومن انقسامات مذهبية طائفية، ومن تركيبات سكانية معقدة، ومن أعداء خارجيين يؤججون الانقسامات ليل نهار لتفتيت هذه الأمة، ومن استعمالات انتهازية داخلية لإدخال مجتمعاتنا في خلافات أيديولوجية وصراعات ولائية ضيقة لصالح هذا الحكم أو هذه القبيلة، أو ذلك الدين والمذهب أو ذاك الحزب.
يكفي أن يقوم بضعة أشخاص أو تقوم جهة استخباراتية في الكيان الصهيوني أو بعض الدول الطامعة في ثرواتنا بنشر شتم وتجريح للمذهب الشيعي، على سبيل المثال، والإيعاز الوهمي بأن ذلك صادر عن جهة سنية، ثم إتباع ذلك بمناوشات وهمية لشتم وتجريح المذهب السني، على سبيل المثال أيضا، حتى تشتعل نار مدمرة من الحقد والكراهية والادعاءات التاريخية العبثية في طول وعرض وسائل التواصل الإلكتروني العربية.

لسنا نضرب مثلا نظريا هنا، فهذا يحدث يوميا ويشاهد ويقرأ يوميا في التبادلات الطفولية البليدة عبر وسائل التواصل الرقمي، بأشكاله المختلفة ، خصوصا أن نسبة من يملكون ويستعملون تلك الوسائل من أفراد الشعوب العربية قد وصلت إلى أكثر من أربعين في المئة كمعدل وسطى. وبالطبع فإن إنتشار الأمية والضعف الشديد في أسس ومناهج ووسائل التعليم قي مدارسنا وجامعاتنا، الذي ينتج عنه تسطيح في الثقافة، وعجز في القدرة على الشك والتمحيص والتحليل والرجوع إلى مصادر المعلومات الموثوقة، لا يمكن إلا أن تؤدي جميعها إلى تسهيل مهمة أي كذاب أو حاقد على هذه الأمة. ولعل أكبر انتكاس، بسبب كل ذلك، سيكون لمحاولات انتقال المجتمعات العربية إلى أنظمة ديمقراطية معقولة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فإذا كان لدى الغرب مخاوف فإن لدينا كوابيس مرعبة.
في الغرب يتحدثون عن وضع ضوابط قانونية وتنظيمية من قبل سلطات الدول، ومن قبل الشركات المالكة لتلك الرسائل التواصلية الرقمية، على شرط أن لا يتم ذلك على حساب مبدأ الحرية الفردية المعقولة والحريات المدنية، وبالطبع فلن تكون الضوابط والتنظيمات فيها شطط بسبب قوة مؤسسات المجتمع المدني لديهم. ولكن ماذا عنا نحن العرب؟ نحن حتما سنحتاج لضوابط ولتنظيم الموضوع برمته، وهو أمر سيكون مليئا بالمخاطر، إذا قامت به أنظمة سياسية غير ديمقراطية، وإذا لم يكن هناك تشارك فاعل من مؤسسات المجتمع المدني، ولكن ، بالنسبة لنا، سنحتاج إلى خطوات كثيرة تصحيحية ذاتية في المجال الرقمي قبل أن ننتقل إلى مرحلة الضوابط والتنظيمات القانونية.
هذا ماسنحاول أن ندخل في تفاصيله ، كوجهة نظر ومقترحات، في مقال مقبل.