أحدث الأخبار
  • 08:05 . حلف قبائل حضرموت يحمّل أبوظبي "المسؤولية الكاملة" عن التصعيد واجتياح المحافظة... المزيد
  • 08:05 . بعد مقتل أبو شباب.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال لتسليم أنفسهم... المزيد
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد
  • 06:39 . معركة النفوذ في حضرموت.. سباق محتدم بين أبوظبي والرياض... المزيد
  • 06:22 . روائية أمريكية بارزة تقاطع "مهرجان طيران الإمارات للآداب" بسبب الحرب في السودان... المزيد
  • 05:07 . جيش الاحتلال يعلن مقتل زعيم المليشيات في غزة "ياسر أبو شباب" على يد مجهولين... المزيد
  • 11:35 . "المعاشات" تصفّر 8 خدمات رئيسية ضمن مبادرة تقليل البيروقراطية الحكومية... المزيد
  • 11:31 . "الأبيض" يخسر أمام الأردن 1–2 في افتتاح مشواره بكأس العرب... المزيد
  • 11:30 . سلطنة عُمان تنجح في إعادة طاقم سفينة "إتيرنيتي سي" من اليمن... المزيد
  • 10:12 . الإمارات تعلن تخصيص 15 مليون دولار للاستجابة للأزمة في السودان... المزيد
  • 06:56 . العفو الدولية تحث على منع أبوظبي من تسليح الدعم السريع... المزيد

الشجرة التي سعت لحقل آخر!

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 19-10-2018

الشجرة التي سعت لحقل آخر! - البيان

حين غادرتُ الإمارات ذات يوم لأسباب لها علاقة بضغوط العمل الشديدة، كنت كمن يهرب بحثاً عن متنفس، لكنني أيضاً كنت كشجرة اعتادت تربتها، فذهبت تبحث عن حقل لا يمتّ لجذورها بصلة!كنت شجرة صحراء اعتادت القيظ والحرارة، كنخلة ربما أو كشجرة سدر أو غافة صحراوية نبتت وحيدة في أرض فلاة جرداء، لكنها ظلت طويلاً صامدة، صابرة وقادرة أيضاً على أن تمنح ظلاً وأغصاناً خضراء لبدوي خطر له جنون السير في الصحراء بصحبة جمل جائع! 

 غادرت إلى مناخات ظليلة أكثر مما تقتضيها حاجة البدوي، وهو الذي اعتاد الصحراء أبداً، أرادت الشجرة أن تزرع نفسها في تلك البلدان الباردة، فقد أعجبها كل شيء، النظام، كثافة الأخضر، دأب الناس ونشاطهم، المناخ، الهدوء، والسيارات التي تسير دون ضجيج ودون ارتكاب حوادث، وصرت كلما تحدثت أردد كطفلة جاءت للتو من السيرك: «تصوروا أنني لم أرَ حادثاً واحداً على الطريق طول مدة إقامتي». 

سألني أخي يوماً: «يعني ذلك أن الناس لا يموتون هناك؟»، قلت له: «إنهم لا يموتون على الطريق العام، لكنهم يموتون وحدهم في بيوت تظل مغلقة طويلاً، الموت وحيداً في بيتك أمر لا يقل بشاعة عن الموت العلني على الطريق العام!».حين استقر بي الحال هناك، بدأت أسد ثقوب الروح خشية تسلل الملل والوحدة، ورصاص الغربة، وشراسة الشتاءات الكئيبة، وبدأت أحن إلى الشمس وإلى بيتنا أولاً، إلى قهوة أمي وتفاصيلها الأنيقة، إلى نظافتها وترتيبها، وإلى كل شيء. 

علمت ساعتها أن الحنين ليس شعوراً إنسانياً جامعاً وعابراً، ولا مفاجئاً، إنه ميزة فينا نحن أهل الشرق تصل أحياناً لتكون شيئاً يشبه فصيلة الدم، نحن شعوب مسكونون بالوجع، بالحنين العلني، نمشي على قلوبنا أكثر مما نسير على أقدامنا، لذلك يؤلمنا الفقد والفراق وقد يقتلنا أحياناً، قلوبنا قابلة للكسر لشدة رقتها، نتوجع لكل الناس، الفقراء، الأطفال، العمال، الذين يحبوننا، والذين لا يأبهون لنا! 

 لم يمهلني وجع الحنين طويلاً، فاكتشفت أنني كائن لا يمكنه ائتلاف الوحدة والغربة، لذا لم أبقَ في تلك الجامعة سوى بضعة أشهر، وذات مساء رمضاني قررت أن أعود، فجمعت حاجياتي الشخصية، وتبرعت بجميع لوازم شقتي، وأوقفت دراستي في الجامعة، وحجزت على أول رحلة صادفتني وعُدت!

 حينما عدت، قلت لأصحابي كلهم: في أوطاننا علينا أن نحتمل كل شيء، فكل شيء هنا رائع، لو تعلمون كم يعانون هناك، إن النظام والجمال والترتيب والبيوت الجميلة نحن من يصنعها، فلا يستحق أن نهجر أوطاننا لأجل أشياء نستطيع أن نفعلها، أما التحديات فلا تُحَلّ بالهروب، بل بالمواجهة لمن يقدر عليها!