أحدث الأخبار
  • 11:31 . وفاة الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان والإمارات تعلن الحداد سبعة أيام... المزيد
  • 11:15 . هبوط مؤشرات معظم البورصات الخليجية مع تراجع أسعار النفط... المزيد
  • 09:09 . الدولار يهبط قبيل صدور بيان اجتماع المركزي الأمريكي... المزيد
  • 09:06 . لابيد يقرر زيارة أبوظبي في خضم الخلافات الإسرائيلية... المزيد
  • 07:56 . تركيا تنضم إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام العدل الدولية... المزيد
  • 07:33 . إلى أين تتجه القوة العسكرية الإماراتية العابرة للحدود؟.. مركز دراسات يجيب... المزيد
  • 07:01 . 17.8 مليار درهم رصيد المركزي من الذهب بنهاية فبراير 2024... المزيد
  • 06:49 . بسبب الحالة المناخية.. الدراسة والعمل عن بعد لجميع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص... المزيد
  • 01:28 . "رايتس ووتش" تطالب أبوظبي بإنهاء الحجز الانفرادي المطول للمعتقلين وإسقاط التهم الموجهة ضدهم... المزيد
  • 11:14 . المستشار الزعابي: معتقلو الإمارات ضحية "نظام أمني قمعي" يتمدد في اليمن والسودان وليبيا... المزيد
  • 10:46 . البحرين تبحث عن مستثمرين في خط أنابيب لنقل النفط من السعودية... المزيد
  • 10:42 . مقتل خمسة في هجوم مسلح على مسجد بأفغانستان... المزيد
  • 10:41 . وسط تزايد حوادث الكراهية والتمييز.. رايتس ووتش تتهم ألمانيا بالتقصير في حماية المسلمين... المزيد
  • 10:38 . فينيسيوس يقود ريال مدريد للتعادل مع بايرن في نصف نهائي أبطال أوروبا... المزيد
  • 08:09 . جامعات تنتفض نصرة لغزة.. ونظيراتها الإماراتية تغرق في التطبيع حتى أذنيها... المزيد
  • 12:58 . برباعية أمام كلباء.. الوصل يتأهل إلى نهائي كأس رئيس الدولة... المزيد

لنحذر الصراع بين الديمقراطية والليبرالية

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 11-08-2018

هناك خطأ شائع بأن الليبرالية والديمقراطية هما كلمتان متماثلتان في المحتوى والأهداف. هذا قول يجب أن يعيه شباب الأمة العربية، خصوصا بعد أن علت أصوات المنادين بتبني الأيديولوجية الليبرالية كحل سحري سريع لعلل وتخلّف هذه الأمة.
الواقع أن الأيديولوجية الليبرالية معنية في الدرجة الأولى بالفرد، بينما الأيديولوجية الديمقراطية معنية في الأساس بالجماعة والمجتمع. ركن الليبرالية الأساسي مهووس بالفردية والحرية الشخصية، بينما ركن الديمقراطية يضع في المقام الأول الحرية بمعانيها وممارساتها الشاملة من جهة، كما يضع في سلّم أولوياته موضوع المساواة، بكل تجلياتها، من جهة ثانية.
على ضوء هذين المنطلقين المختلفين يستطيع الإنسان أن يفهم هذه الحقيقة التاريخية: لقد وقف الليبراليون في الغرب مع القوى المحافظة في السياسة وأمور إدارة الدولة، بينما وقف الديمقراطيون مع قوى التغيير، وعلى الأخص قوى اليسار. من هنا فإن حاجة الأمة العربية حاليا هي لوجود قوى ديمقراطية، أكثر من حاجتها لقوى تكتفي برفع شعارات الأيديولوجية الليبرالية، المهووسة بالفرد، على حساب اهتمامها بالجماعات والمجتمعات. هذا موضوع يجب أن يكون واضحا إلى أبعد الحدود عند الشباب المناضلين والفاعلين في السياسة. ذلك أن حاجة مجتمعاتكم العربية الملحّة توفر الحريات العامة، وفي مقدّمتها حرية التعبير وحرية التجمّع والتنظيم السياسي لممارسة فعل سياسي مستقل عن السلطة. الحريات العامة هي الضمان والمدخل لتوفّر الحريات الشخصية، وليس العكس. وبالطبع ليس المقصود بذلك التقليل من أهمية الشخصي أمام العام، وإنما المقصود هو الأولويات لهذه المرحلة التي نعيشها. وإذن فالموضوع الديمقراطي، في أسسه ومحتوياته وأهدافه ووسائل عمله وفاعليّته، هو موضوع الساعة، إذا كان الأمر كذلك لنذكّر بصلب موضوع الديمقراطية المتمثل بحقّين أساسيين للناس: حقّ اختيار من يحكمهم، وبالتالي وضع القوانين التي يعيشون في ظلّها، وحقّهم في أن تكون الحكومة معنيّة بصورة مسؤولة وكفؤة بالصالح العام.
لكن لن يتحقّق ذلك إلا من خلال انتخابات دورية حرّة، وتساوِ في الوزن لكل صوت، ووجود ضمانات لحدوث ذلك، من خلال الحكم بالقانون وتطبيقه بالتساوي على الجميع، ومن خلال مجتمع ينعم بالحريات المدنية الكاملة. في قلب تلك الإجراءات تقبع فضيلتا المساواة والعدالة في حقلي السياسة والاقتصاد. لا مكان هنا لممارسة مارسها الليبراليون الغربيون عبر القرون، وهي أن الحكم يجب أن يقتصر على أقليات متميزة بالعلم أو الهم أو الوعي أو الحقوق التاريخية، أو امتلاك وسائل القوة المادية أو المعنوية، وذلك خوفا منهم من صعود الغوغاء أو الشعبويين إلى سدة الحكم. الغوغائية والشعبوية يجب أن يحكمها وعي الناس ووجود القوانين العادلة المنظّمة للحياة العامة، وليس إعطاء امتيازات لهذه الفئة أو تلك، باسم الخوف من تواجدهما. من هنا تنشئة الأطفال والشباب، في المدارس والجامعات، لفهم وقبول وممارسة حقوقهم المدنية، بما فيها عدم التخلي قط عن حق الانتخابات، وعدم انجرارهم في اختياراتهم لمن يمثلهم إلى عوامل العصبيات الدينية والقبلية والنفعية الضيقة والاستزلام لهذه الجهة أو تلك. القول المعروف بأن لا ديمقراطية من دون ديمقراطيين، هو قول صحيح إلى أبعد الحدود. والديمقراطي لا يولد وإنما يربى ليكون ديمقراطيا، في البيت والمدرسة والنادي والمسجد والكنيسة والحزب.
ما يريده لكم، أيها الشباب بعض الليبراليين العرب، هو أن تعيشوا حياة عامة وصفها بدقة متناهية منذ حوالي قرنين أحد القلقين على مصير الديمقراطية في الغرب. لقد كتب ألكسيس دوتوكفيل يصف حالة المجتمع بالقول: «أرى تجمعات بشر يدورون حول أنفسهم، وهم يفتّشون عن ملذات صغيرة لتغذية أرواحهم. إنهم يعيشون منعزلين عن بعضهم، تماما كالغرباء. عالم الواحد منهم يتلخّص في أطفالهم وأصدقائهم. أما إخوته من المواطنين فإنه لايرى لهم وجودا، إنه يلامسهم ولكنه لا يشعر بوجودهم. إنه يعيش في نفسه ولنفسه فقط. ومع إنه لا تزال لديه عائلة، إلا أنه لم يعد لديه وطن».
إنه وصف شديد السواد والضياع، لكنه مماثل لما يريده البعض لشباب هذه الأمة، وبالتالي لمجتمعاتنا العربية. إن الغرب، الذي جاء بالنظام الديمقراطي، يعيش الآن أزمة ديمقراطية حقيقية. إن نجاح شخصية مهزوزة ونرجسية كالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على الرغم من حصوله على أصوات من قبل الناخبين تقلُ في عددها بثلاثة ملايين عن الأصوات التي حصلت عليها منافسته، هيلاري كلينتون، هو دليل على إشكالية في إحدى الديمقراطيات الغربية. وينطبق الأمر على أزمة الليبرالية والليبراليين في الغرب. وهذا يفسر صدور الأعداد الكبيرة من الكتب الناقدة للحداثة والليبرالية والديمقراطية، كما تمارس الآن في الغرب في ظلّ النظام العولمي الرأسمالي المتوحش الجائر الخاضع لقيم السّوق فقط. إزاء الأزمات السياسية والاقتصادية والثقافية التي يعيشها الغرب، في اللحظة الراهنة، نحذّر شبابنا من السّقوط الأعمي تحت سحر بعض الليبراليين العرب. إنهم يتحدّثون عن إنقاذ الفرد، عن إدخاله في عالم الذاتية البحتة المنغلقة على نفسها وحول نفسها، ولكنهم لا يأبهون بمصائر الشعوب والمجتمعات والأوطان. هذا فكر يجب أن يصحّح قبل أن يدخلنا في أزمة حضارية جديدة.