أحدث الأخبار
  • 06:52 . السعودية تنفذ حكم القتل لمدان يمني متهم بقتل قائد التحالف بحضرموت... المزيد
  • 06:51 . بين توحيد الرسالة وتشديد الرقابة.. كيف ينعكس إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام على حرية الصحافة في الإمارات؟... المزيد
  • 06:41 . أمير قطر: كأس العرب جسّدت قيم الأخوّة والاحترام بين العرب... المزيد
  • 11:33 . "رويترز": اجتماع رفيع في باريس لبحث نزع سلاح "حزب الله"... المزيد
  • 11:32 . ترامب يلغي رسميا عقوبات "قيصر" على سوريا... المزيد
  • 11:32 . بعد تغيير موعد صلاة الجمعة.. تعديل دوام المدارس الخاصة في دبي... المزيد
  • 11:31 . "فيفا" يقر اقتسام الميدالية البرونزية في كأس العرب 2025 بين منتخبنا الوطني والسعودية... المزيد
  • 11:29 . اعتماد العمل عن بُعد لموظفي حكومة دبي الجمعة بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد
  • 11:46 . عبدالله بن زايد وروبيو يبحثان استقرار اليمن.. ما دلالات الاتصال في هذا التوقيت؟... المزيد

الأسوار والاقتصاد

الكـاتب : محمد العسومي
تاريخ الخبر: 23-02-2017


يبدو أن سياسات الانفتاح التجاري وحرية الأسواق والليبرالية الاقتصادية التي انتهجها الرئيس الأميركي السابق رولاند ريجان في الثمانينيات بالتنسيق مع رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر وروجا لها كثيراً، بحيث أضحت سياسة عالمية تمخضت عنها اتجاهات العولمة التجارية بدأت في التلاشي التدريجي مع قدوم ثنائي جديد ممثل في الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.

التوجه الأنجلوساكسوني الحالي يروج للحمائية متخذاً إجراءات غير عادية ومضحياً بمكتسبات كانت تُعتبر حتى وقت قصير من مسلمات لا يمكن المساس بها، كخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وإلغاء الولايات المتحدة لاتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ، والتوجه لإلغاء اتفاقية مماثلة مع كندا والمكسيك، المعروفة بـ «نافتا»، إلا أن الأدهى من ذلك هو قرار الإدارة الأميركية الجديدة بناء سور على طول حدودها مع المكسيك بتكلفة 10 مليارات دولار، مما سيترتب عليه تداعيات تجارية واقتصادية على البلدين.

الهدف المعلن هو منع اللجوء من خلال الهجرة غير الشرعية، وهو السبب ذاته الذي أدى إلى إقامة جدار، أو سور برلين، وهو الأشهر في العالم، في بداية ستينيات القرن الماضي، والذي أمر به الرئيس السوفييتي السابق «نيكيتيا خرشوف» لمنع انتقال الأفراد بين شطري العاصمة الألمانية المقسمة برلين، وأدى إلى عرقلة انتقال التجارة بين جانبي المدينة. الملاحظ أن سياسة الأسوار انتشرت في العقدين الماضيين بصورة ملفتة للنظر، فإسرائيل قطّعت الضفة الغربية المحتلة إلى قطع صغيرة بأسوار وحواجز حولت حياة الفلسطينيين إلى جحيم، ودمّرت الكثير من المشاريع الصغيرة التي كانت تعتمد على السياحة والحركة بين المدن، كما أثرت في الحياة التجارية والتعاملات اليومية للأفراد والمؤسسات.

ومع ذلك، فإن التجربة التاريخية تبين بوضوح، بإن هذه الأسوار لا تؤدي الغرض الذي أنشأت من أجله في منع الهجرة غير الشرعية، أو الحد من انتقال الأفراد، بقدر ما تتسبب في أضرار اقتصادية للجانبين ويترتب عليها انتعاش كبير للسوق السوداء، وبروز مافيات التهريب التي تحقق مكاسب كبيرة من خلال التفنن في تجاوز حواجز الأسوار، وتقلل من أهميتها رغم التكاليف الباهظة لبنائها.

ما الذي سيحدث بعد استكمال بناء السور الجديد بين الولايات المتحدة والمكسيك، والذي عارضته الأخيرة بشدة، أولا ستنتعش التجارة غير الشرعية، بما فيها تهريب المخدرات بابتكار أساليب جديدة في مقدمتها القيام ببناء أنفاق تحت الأرض والتي ستساهم بدورها في تهريب الأفراد، حيث ستقام المئات من هذه الأنفاق، والتي من الصعب مراقبتها وتدميرها، كما تبين تجربة الأنفاق بين قطاع غزة وسيناء المصرية بحدود لا تتجاوز كيلومترات محدودة، بعكس الحدود الممتدة بين الولايات المتحدة والمكسيك، والتي تتجاوز 3 آلاف كيلومتر، مما يعني عدم جدوى هذا السور المكلف مالياً.

ثانياً، بما أن الرئيس الأميركي ينوي إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع كندا والمكسيك، فإن ذلك يعني فرض رسوم جمركية على التجارة مع البلدين وتحقيق عوائد مالية لخزانة الدولة، لكن إذا تزامن ذلك مع إنشاء السور، فإنه سيؤدي إلى زيادة تهريب السلع، كما ذكرنا آنفاً، وهو ما يعني خسارة الدولتين لجزء من عوائد الرسوم الجمركية.

ثالثاً لم تثبت التجارب السابقة أن بناء الأسوار يُشكل حلاً عملياً لمشاكل الهجرة وتهريب المخدرات، بقدر ما تساهم في عرقلة التجارة وخلق حواجز نفسية واجتماعية تساهم بدورها في التوتر ومحاولة الانتقام المتبادل ورواج «مافيات» الأنفاق والمخدرات، والتي تترتب عليها عواقب تجارية وخسائر كبيرة. نعم هناك بدائل حديثة، تتمثل في مراقبة الحدود بأساليب تقنية متطورة دون الإضرار بالعلاقات التجارية والاقتصادية، ودون الإساءة إلى العلاقات الاجتماعية وانتقال الأفراد والأقرباء بصورة منظمة مع التعاون بين كافة الأطراف لمعالجة الهجرة غير الشرعية وتجارة المخدرات من خلال التنسيق، وإيجاد حلول مشتركة للفقر والبطالة وهما مسببان رئيسيان للهجرة.