أحدث الأخبار
  • 12:08 . ألم المستقيم.. أسبابه وطرق علاجه... المزيد
  • 11:33 . "دوكاب" تخطط لإنتاج قضبان الألمنيوم الأخضر... المزيد
  • 11:32 . حاكم الشارقة يؤكد عودة الأمور إلى طبيعتها في الإمارة خلال ثلاثة أيام... المزيد
  • 11:25 . وزراء خارجية دول الخليج يبحثون مع وفد أوروبي خفض التصعيد بالمنطقة وتطورات غزة... المزيد
  • 11:23 . يوسف النصيري يقود إشبيلية للفوز على ريال مايوركا في الدوري الإسباني... المزيد
  • 11:40 . رئيس الدولة وسلطان عمان يشهدان توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات بين البلدين... المزيد
  • 08:58 . "الأبيض الأولمبي" يودع كأس آسيا بخسارة ثالثة أمام الصين... المزيد
  • 08:35 . وفاة الداعية اليمني عبد المجيد الزنداني في تركيا... المزيد
  • 07:10 . ارتفاع شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34151... المزيد
  • 06:36 . سلطان عمان يصل الإمارات في زيارة رسمية ورئيس الدولة في مقدمة مستقبليه... المزيد
  • 12:24 . استقالة رئيس الاستخبارات الإسرائيلية على خلفية عملية 7 أكتوبر... المزيد
  • 12:16 . تقرير: صفقة " G42" ومايكروسوفت تأتي ضمن خطط أمريكا لقطع الطريق أمام الصين... المزيد
  • 11:29 . إصابة مستوطنين اثنين في عملية دهس بالقدس المحتلة... المزيد
  • 11:20 . الإمارات ترفض ادعاءات السودان "الزائفة" بزعزعة أمنه... المزيد
  • 11:01 . وفاة 12 شخصاً نتيجة السيول شرق اليمن... المزيد
  • 02:02 . بعد كلاسيكو مثير.. الريال يهزم برشلونة ويقترب من الفوز بلقب الدوري الإسباني... المزيد

الخليج والنظام ما بعد الأمريكي

الكـاتب : شفيق ناظم الغبرا
تاريخ الخبر: 25-01-2020

لم تكن أحداث ونتائج الحادي عشر من أيلول/سبتمبر لمصلحة الولايات المتحدة، بل يمكن القول إنها صبت لصالح كل من إيران والصين وروسيا. والسبب في ذلك لم يكن عملية القاعدة التي استهدفت ألوف المدنيين في برجي التجارة العالمية والبنتاغون في العاصمة الأمريكية، بل كان بصورة أوضح توظيف العملية من قبل الادارة الأمريكية لأهداف سياسية مدروسة. كانت عملية القاعدة هدية للمحافظين الجدد، لكن بنفس الوقت أخطأت هذه المجموعة التي سيطرت على قيادة الولايات المتحدة تقدير الموقف وذلك عندما وجهت قوة الجيش الأمريكي التدميرية نحو أهداف سياسية يصعب تحقيقها. سيسجل التاريخ أن تلك الحروب أفقدت الدولة الكبرى الاولى والمنتصرة في الحرب الباردة توازنها وميزانياتها. إن ردة الفعل الأمريكية من خلال غزوها في حينها لكل من افغانستان في 2001 والعراق 2003 استنزف الولايات المتحدة وأدى بنفس الوقت لتخليص إيران من عدوين لدودين واحد في العراق والثاني في افغانستان. هكذا مرة واحده لم يعد العراق يوازن ابدا إيران لا من قريب ولا من بعيد.
منذ 2003 انتقلت الولايات المتحدة من التركيز على مصر ومناطق بلاد الشام الى التركيز بصورة أكبر على منطقة الخليج. هذا عنى أن ثقل الشرق الأوسط انتقل هو الآخر نحو الخليج، هنا بالتحديد مع اختفاء النظام العراقي عن الساحة برزت بعد 2003 السعودية بدور جديد أكثر قوة في الإقليم. لكن الولايات المتحدة لم تكتف بتغير النظام العراقي والأفغاني، فقد أعلنت الحرب على الإرهاب منذ 2003، ولازالت تلك الحرب مستمرة ليومنا هذا. لكنها أعلنت في ذلك الوقت أن إيران هي أحد أضلاع محور الشر، وهذا وضح لإيران بأنها قد تكون الهدف التالي، ولهذا استعدت للعودة لسياسات تصدير الثورة وتجيش الحالة العربية لمصلحتها. بعد 2003 بدأ التوسع الإيراني يأخذ أبعادا جديده، لقد انكشف الوضع العربي بسبب الدور الأمريكي في حرب 2003.
وهذا يعني في الرؤية الإستراتيجية سيطرة حالة استنزاف مستمرة للدولة الكبرى في منطقة الشرق الأوسط خاصة في العراق وفي أفغانستان ثم في اليمن( قبل حرب اليمن) وفي مناطق اخرى. لهذا عندما جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 تراجعت الثقة بالكثير من بيوت المال الأمريكية.

الدولة الكبرى الأمريكية في هبوط وتراجع، وما سياسات ترامب الراهنة إلا تأكيد على أن رحلة الهبوط الأمريكي تجاوزت منتصف الطريق. إننا نقترب من حالة إقليمية وشرق أوسطية ما بعد أمريكية كما نقترب من عصر ما بعد النفط

إن الخلفية التي أتت بأوباما رئيسا للولايات المتحدة 2009، جعلته الرئيس الأكثر سعيا لإخراج أمريكا من الورطة التي سببتها الحروب السابقة، لكن أوباما، بنفس الوقت، عمل جاهدا لإخراج الولايات المتحدة من أزمتها الاقتصادية. لقد نجح أوباما في تهدئة الكثير من المواقف المحيطة بالدولة الكبرى، وكان من أهمها الاتفاق النووي مع إيران في العام 2016. ذلك الاتفاق يعني عمليا بداية جديدة لتنظيم العلاقة بين إيران والعالم بهدف منعها من امتلاك السلاح النووي في المدى القريب والمتوسط.
لكن الموقف تعقد مع ترامب الذي أنتخب رئيسا للولايات المتحدة عام 2017. إن شعار أمريكا أولا في ظل حالة الشعبوية الأمريكية خلق الكثير من الشروخ مع الولايات المتحدة. هكذا بدأت تصريحات ترامب من شاكلة: «الخليج لا يحيا بلا دعمنا»، ثم تصريحات مثل: «إن لم تدفعوا لن أحميكم»، ثم أعلن: «أمريكا لم تعد تحتاج للنفط». في هذه الأجواء قام الرئيس ترامب بالغاء الاتفاق النووي من طرف واحد، ثم اعطى على ما يبدو أنه موافقه أو غض للنظر عن قيام عدة دول خليجية بمحاصرة قطر. لكنه في ظل هذا العبث أرسل لقطر وزير خارجيته تيليرسون لإيجاد حل وسط وتهدئة للموقف وتوقيع اتفاق ضد الإرهاب. هذا التناقض في سياسات الدولة الكبرى أفقدها الكثير من الثقة. في هذا الإطار أصبح لتركيا قاعدة عسكرية واتفاقات عسكرية في منطقة الخليج، بينما تستعد المنطقة للمزيد من التدويل في ظل الارتباك الأمريكي المستمر.
لقد بدا للكثير من المراقبين في ظل توتر علاقات البيت الابيض مع أوروبا ومع الصين والمكسيك واحيانا كندا ان الولايات المتحدة في ازمة. وقد توج الرئيس ترامب في 2019 كل هذا الوضع بانسحابه المفاجئ أمام تركيا متخليا عن الأكراد. حتى الناتو العربي، سقط ولم يتبلور. كما لم يستطع ترامب تأمين حماية حقيقية من الهجمات الصاروخية لأهم منشأة نفطية في العالم وهي أرامكو الواقعة في المملكة العربية السعودية. ومن جهة أخرى إن قيام الرئيس ترامب بالترويج بقوة لصفقة القرن حول القضية الفلسطينية وقيامه بنقل السفارة الأمريكية للقدس ثم اعترافه بالاستيطان في الضفة الغربية 2019 ساهم بنزع ما تبقى من احترام للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط.
إن الشيء الذي لم تنتبه اليه الولايات المتحدة أن تلك الحروب والاستنزاف المالي والبشري المرافق لها ساهم في تشتيت انتباه الولايات المتحدة عن صعود الصين الهائل. الصين هي المستفيد الاول من الاهتزاز الأمريكي، وهي نفسها المستفيد من التورط الأمريكي الجديد في دائرة صراع مع إيران. ملخص القول أن الدولة الكبرى الأمريكية في هبوط وتراجع، وما سياسات ترامب الراهنة إلا تأكيد على أن رحلة الهبوط الأمريكي تجاوزت منتصف الطريق. إننا نقترب من حالة إقليمية وشرق أوسطية ما بعد أمريكية كما نقترب من عصر ما بعد النفط. هذه تحديات جديدة ستزداد أهميتها في المدى المنظور والمتوسط.