أحدث الأخبار
  • 05:18 . المظاهرات تجبر شركة إسرائيلية على بيع مصنعها في بريطانيا... المزيد
  • 05:17 . صور أقمار صناعية تظهر بناء مهبط طائرات على جزيرة يمنية وبجانبه عبارة "أحب الإمارات"... المزيد
  • 11:32 . موسكو تعلن دخول سفن حربية روسية إلى البحر الأحمر... المزيد
  • 10:30 . 111 مليون مستفيد في 105 دول من مبادرات محمد بن راشد العالمية في 2023... المزيد
  • 02:24 . ‫احترس.. هذه العوامل ترفع خطر تضخم البواسير... المزيد
  • 02:07 . إصابة ثلاثة مستوطنين بإطلاق نار على حافلة بأريحا والاحتلال يغلق المدينة... المزيد
  • 01:32 . الجيش الأميركي يعلن تدمير أربع مسيّرات حوثية فوق البحر الأحمر... المزيد
  • 01:28 . حاكم الشارقة يطلق المرحلة الثانية من موسوعة التفسير البلاغي وأولى موسوعات مناهج إفراد... المزيد
  • 01:00 . "الوطني الاتحادي" يعتمد توصية بضوابط موحدة للإعلانات الغذائية الإلكترونية... المزيد
  • 12:22 . مساهمو "أدنوك للتوزيع" يعتمدون سياسة جديدة لتوزيع الأرباح... المزيد
  • 12:19 . "طاقة" و"جيرا" اليابانية تتعاونان لتطوير محطة كهرباء بالسعودية... المزيد
  • 05:50 . سخط إماراتي ومقاطعة لسلسلة مطاعم بعد مشاركة مالكتها مقطع فيديو مؤيد للاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 05:02 . محتالون يخدعون المستثمرين بملايين الدراهم بانتحالهم صفة شركة وساطة كبرى... المزيد
  • 04:44 . 155 ألف أصل سيبراني ضعيف.. الهجمات السيبرانية تقلق الشركات في الإمارات... المزيد
  • 04:32 . عقوبات أمريكية ضد كوريا الشمالية تستهدف شركة مقرها الإمارات... المزيد
  • 04:20 . حكومة الشارقة تنفي إشاعة تغيير بالأذان وتؤكد عدم السماح بالمساس في الثوابت الدينية... المزيد

قوى الاحتجاج العربية والولادة الجديدة

الكـاتب : شفيق ناظم الغبرا
تاريخ الخبر: 09-11-2019


قوى الاحتجاج العربية والولادة الجديدة | القدس العربي

أتساءل في محاولة فهم الحالة العربية الراهنة: هل نحن في قلب ثورة عربية أم وسط حالة ممهدة لقدومها؟ ما نراه اليوم تعبير عن قرب قدوم حالة عربية أكثر زخما لشواطئ جديدة، فهذا ما تأكده سرعة الاحداث وكثيرا طابعها المفاجئ الذي لم يتوقعه الناس أو السياسيون والقادة. فالحراك العربي الذي تشهده المنطقة الآن شكل متقدم من أشكال التمرد على التفرد وهياكل السيطرة على الناس، وهو شكل من أشكال التمرد على النفوذ الأجنبي. ومن سمات هذه المرحلة التي بدأت في العام 2011 سعي الشعوب لتثبيت حقها في الحياة الكريمة وفي مواجهة الفساد وحقها في الرقابة والمحاسبة.

 العرب في الزمن الراهن بين نيران متناقضة، فهم بين نار الغرب وخاصة إسرائيل التي تقضم من سيادتهم وكرامتهم الكثير وذلك بسبب الاحتلال والتدخل، ونار دول جارة تقدمت الصفوف لأخذ ما يمكن أخذه لتعبئة كل فراغ وزيادة نفوذها كحال إيران في العراق وسوريا وتركيا في شمال سوريا. لكن أصعب النيران التي يعاني منها العرب هي تلك المرتبطة بالاستبداد والحاكم الفرد، فذلك الاستبداد هو الذي يقوي التدخلات الخارجية ويقدم للصهيونية التنازلات.
وإنصافا لقد اختبر العرب أنظمة سياسية اجتهدت في تحسين حالهم خاصة في مراحل سقوط الاستعمار وخروجه، ففي تلك المراحل الأولى ساد التفاؤل في دول عربية رئيسية. لكن في الوقت نفسه مرت على العرب أنظمة سياسية احتقرتهم تماما كما احتقرهم الاستعمار والصهيونية. في السنوات الماضية ومنذ تراجع الربيع العربي في 2013 وقدوم الثورة المضادة أدمن العرب على الحضيض وقيمه وعلى الفشل واستمراره وعلى ذاتية المصالح الضيقة.
إن تحرك السودان في كانون الأول/ديسمبر 2018 والجزائر في فبراير/شباط العام الجاري وتحول كل منهما لمصنع جديد للأحلام أعطى مشروع الدولة والإنسان في المجتمع العربي بعدا جديدا يعكس الوعي ذاته الذي اختبرته شعوب أخرى في بحثها عن حلول لميل السياسة والسياسيين لسوء استخدام صلاحياتهم وللفساد والتسلط. وفي العراق الذي اعتقد البعض انه انتهى كشعب وكمكان، إذا به يغير كل المقاييس. فقد دمر العراق بفضل حروب مستمرة ومن خلال الغزو الأمريكي في 2003، ومن خلال الفساد وسيطرة إيران، لكن الانتفاضة الجديدة غيرت المناخ وأتت بالجديد. في حراك العراق الثوري الذي بدأ في أوائل تشرين الأول/اكتوبر الماضي 2019 نهوض مفاجئ وإصرار على ولادة شعب.
أما لبنان فحراكه المندلع في تشرين الأول/أكتوبر 2019 غذى عوالم العرب بالحلم الأكبر وذلك بالرغم من المصاعب والتناقضات. لقد بدأت الانتفاضة اللبنانية عندما لم يتوقعها أحد، ووقعت الحالة العابرة للطوائف في لبنان عندما توقع الجميع أن البلاد لا تقوى على التمرد على الطائفية السياسية. هذه الهبات المفاجئة والتحررية من لبنان للجزائر للسودان للعراق لم تصل لمداها ولم تحقق أهدافها، بل تنضوي هذه الحراكات الثورية ضمن حالة ستفرز مع الوقت قوى جديدة ستفرض نفسها على الميزان السياسي.

حراكات العرب تؤكد بأن الجسد المجمد أو الميت الذي أصبحنا عليه كعرب لازال بنبض بالحياة، بل تؤكد الحراكات العربية الثورية بأن الناس أصبحت آخر خط دفاع عن الدولة والمستقبل. إن الشعوب هي الموضوع، وهي المسؤولة عن تطوير فكر جديد مفاده «الشعب مصدر السلطات» وذلك لضمان بناء الدولة وتأمين الحياة.

 فبعد فشل السياسيين وبعد أن عم القمع وسيطر الخارج على الداخل وتشرذمت الحالة الوطنية إلى أجزاء طائفية وسياسية وقبلية وعقائدية، تتدخل الشعوب بحثا عن مشروع ضيعته طبقات السياسيين المسيطرة. هكذا تؤكد لنا الموجه الجديدة من السخط والاحتجاج إنه لازال لدى العرب وفي أوساط أجيالهم الجديدة حلم متحرك. 

في العلم الاجتماعي والسياسي التمرد جزء من الإنسان، وهو يقع عند الحاجة لتغير حال وإنارة طريق، فالحضيض يحرك الناس، بل يتحرك الناس عندما تتساوى قيم الحياة مع قيم الموت، وعندما يصبح الإنسان عاريا بلا حقوق ولكن في الوقت نفسه يشعر بأن لحلمه مكانا يستحق منه تضحية. وفي هذه الحالة تفقد آلة القمع والموت قيمتها، وهنا تبرز بين الناس أعلى قيم الشجاعة والتضحية كما نشاهد في الحراكات العربية وفي الصدور العارية التي تستقبل الرصاص في العراق. 

إن التغلب على الخوف وتحدي المصاعب طبيعة إنسانية، وهي طبيعة جماهيرية تعطي الناس قوة تتجاوز قوة حزب أو جيش أو مؤسسة. في هذه الحالة لا يعود للرصاص من أثر، فالروح الجماعية تتحول لقوة أكبر من كل القوى، وهذا ما أكدته لنا ثورات التاريخ وثورات أوروبا الشرقية وحالة سقوط الاتحاد السوفيتي وحالات أخرى تندلع اليوم من هونغ كونغ لأمريكا الجنوبية.
عندما تفقد الناس الثقة بنظام وبسياساته وأساليبه تسقط شرعيته، وإن اهتزت الشرعية في أعين كتل رئيسية من المجتمع ستهتز لا محالة أركان النظام. أزمات الشرعية تودي بالأنظمة بين يوم وليلة، وإنْ تعنت النظام ينتهي الأمر بتدمير الدولة والنظام معا ثم الشعب والناس كما حصل في سوريا. كل نظام يفقد ثقة الناس والمواطنين معرض للاهتزاز الشامل. وعندما تخرج الناس للشوارع والميادين نجدها تكتسح المساحة العامة.

 هكذا تعيد تأكيد مكانتها كونها مصدر الشرعية. لكن شرط كل هذا سلمية الحراكات وسلمية وسائل التعبير، فمن خلال السلمية، مهما كان شكل القمع، تتفكك قوى النظام القديم وتبرز تيارات بل ونخب من النظام نفسه كما ومن الشارع والشعب لديها الميل لحلول وسط وللإصلاح.

 إن السلمية شرط من شروط تحريك فئات المجتمع وأجزاء هامة من النخب التي إن لم تفسد ولم تتورط بالدموية قد تقتنع بأن الشعب تغير والوضع تجدد وأن التحول الديمقراطي والحلول الإصلاحية هي الوحيدة المتبقية للخروج من المأزق التاريخي. إن إجماع الشعوب وإيمانها بقوة الحراك السلمي في تفكيك أخطاء السلطات وإيقاف الفساد وبناء الارضية لولادة جديدة تعبير عن قوة جديدة صاعدة في الفضاء العربي.