حذَّر دبلوماسي مصري سابق من أن "انقلاب" عبد الفتاح السيسي، على الدستور يهدد استقرار البلاد، مؤكداً أن التعديلات التي يسعى إلى إقرارها تمنحه صلاحية البقاء في منصبه حتى عام 2034، وجعله رئيساً للسلطة القضائية، وتخضع النظام السياسي للوصاية العسكرية.
وقال عز الدين شكري فشير، في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن هذه التعديلات ستخضع لاستفتاء بعد نقاش عام مدته 30 يوماً، في بلد بإمكان أي تعليق بسيط أن يؤدي بك إلى السجن خمس سنوات، مبيناً أن التعديلات التي يسعى السيسي إلى إقرارها، "انقلاب دستوري".
كثيرون داخل مصر وخارجها، يقول الكاتب، سيتجاهلون هذا الأمر، "فهو ليس أمراً جديداً أو مهماً بالنسبة لهم، أليست مصر ديكتاتورية عسكرية؟ ألم يجرِ اعتقال حتى المرشحين لانتخابات الرئاسة الصورية التي نظمها السيسي؟ هل يهتم أحد بدستور تمت صياغته تحت سلطة الجيش؟ هل هناك أي شخص يعتقد أن حكم السيسي العسكري يمكن أن يقود مصر إلى دولة ديمقراطية؟!".
الجواب عن كل هذه الأسئلة، من وجهة نظر الكاتب، هو "لا"، ففي عام 2013 اختار المصريون الأمن والاستقرار على حساب وعود الديمقراطية المراوغة، وقتها شعر الجميع بأن النموذج المصري الديمقراطي في تراجع، كان أمراً غير سارٍّ للكثيرين، وغض آخرون الطرف عن الاستبداد مقابل تحقيق الاستقرار.
المشكلة هي أن هذا الانقلاب الدستوري، كما وصفه الكاتب، سيؤدي إلى تآكل ما تبقى من استقلال القضاء، وتكريس الرقابة العسكرية من خلال الدستور، وهو ما يعني تحويل مصر إلى ديكتاتورية عسكرية وبشكل فاضح، حتى دون وعود بحكم ديمقراطي.
وبيَّن الكاتب أن المصريين عندما قبلوا بحكم السيسي، فإنهم اعتبروه حكماً مؤقتاً، وربما خطوة ضرورية لإنقاذ مصر من الفوضى، لكنها خطوة انتقالية نحو دولة حديثة وليس حكماً عسكرياً على غرار الستينيات، في حين أن ما تقوله التعديلات الدستورية الأخيرة هو أن المصريين سيبقون تحت حكم العسكر إلى الأبد، وهو أمر أبعد مما يمكن أن يستوعبه غالبية المصريين.
ويضيف شكري: "الأنظمة الاستبدادية مثل مصر، تعتمد في المقام الأول على الإكراه؛ ومن ثم فإنها تحتاج الشرعية، فكلما قلَّت الشرعية التي تتمتع بها زادت الحاجة إلى مزيد من الإكراه، وأدى ذلك إلى تنافر المجتمع؛ ومن ثم سيكون الجميع أمام حلقة مفرغة تقودهم نحو الأسفل".
ويرى الكاتب أن السيسي أثار شرائح كبيرة من المجتمع، فقد تسببت إصلاحاته الاقتصادية بنفور الطبقات الوسطى، في حين يقبع الإسلاميون، ومعهم عشرات الآلاف من النشطاء، بالسجون والبقية في المنفى، وتعاني شبه جزيرة سيناء حصاراً بفعل الإرهاب المتمكن منها، في حين يشعر ملايين الشباب بالغضب، لأنهم يرون أن آمالهم التي خرجوا من أجلها في ثورة يناير 2011 قد تبددت، ومن هنا فإن السيسي "يجلس على برميل من البارود".
واحدة من مشاكل الأنظمة الاستبدادية هي أنها "مبهمة"، كما يصفها الكاتب، فهي تفتقر إلى الشفافية؛ ومن ثم فإنها تلجأ إلى السيطرة على وسائل الإعلام، فضلاً عن قمع المعارضة بشدة، وهو ما يجعل من الصعوبة بمكانٍ معرفة الرأي العام أو قياسه.