أحدث الأخبار
  • 09:49 . وزير الخارجية السعودي: جهود وقف إطلاق النار في غزة "غير كافية"... المزيد
  • 09:47 . الذهب يستقر قرب "أعلى مستوى على الإطلاق"... المزيد
  • 08:52 . بعد شكوى السعودية في الأمم المتحدة.. هل تشعل قضية "الياسات" الخلافات بين أبوظبي والرياض مجددا؟... المزيد
  • 07:34 . أمطار غير مسبوقة على مناطق واسعة في الإمارات... المزيد
  • 05:46 . الإمارات في قلب التصعيد الإيراني - الإسرائيلي.. الآثار الاقتصادية والسياسية... المزيد
  • 11:55 . تحقيق مع وكالة استخبارات سويسرية خاصة حول مزاعم بالتجسس لصالح أبوظبي... المزيد
  • 11:17 . البيت الأبيض: إيران لم تنسق معنا مسبقاً وهجومها كان فشلاً ذريعاً... المزيد
  • 11:05 . تشيلسي يسحق إيفرتون بسداسية في الدوري الإنجليزي... المزيد
  • 10:28 . أمطار غزيرة ومتوسطة مع برق ورعد على مناطق متفرقة في الدولة... المزيد
  • 10:27 . تحويل الدراسة "عن بعد" في معظم إمارات الدولة نظراً للأحوال الجوية... المزيد
  • 10:27 . شركات طيران محلية توجه نصائح للمسافرين بسبب الظروف الجوية المتوقعة... المزيد
  • 10:22 . "المركزي" يُحدد 30 يوماً لتعامل البنوك مع شكاوى العملاء... المزيد
  • 08:41 . صحيفة: أبوظبي تبادلت معلومات استخبارية مع أمريكا و"إسرائيل" قبل الهجوم الإيراني... المزيد
  • 06:57 . الولايات المتحدة تعلن تدمير أربع طائرات مسيرة للحوثيين في اليمن... المزيد
  • 06:08 . الكويت تعين الشيخ أحمد عبدالله الصباح رئيسا جديدا للحكومة... المزيد
  • 12:37 . أسعار النفط تتراجع في السوق الآسيوية بعد الهدوء في الشرق الأوسط... المزيد

تراجع فسحة «الإنسانية» تزكية للفساد والاستبداد

الكـاتب : عبد الوهاب بدرخان
تاريخ الخبر: 14-01-2019

عبدالوهاب بدرخان:تراجع فسحة «الإنسانية» تزكية للفساد والاستبداد- مقالات العرب القطرية

مئات المؤتمرات وآلاف الخطب المؤثّرة، تبادل الاتهامات والتقاذف باللوم، التذكير بالقوانين التي تحرّم كذا وتحلّل كذا، الدعوات الملحّة والنداءات العاجلة، كل ذلك يساوي صفراً عندما يهبط خبر بات أقل من عادي، عن موت طفل غرقاً أو جوعاً وجفافاً بين يدي أمه التي تحاول الوصول معه إلى برّ آمن أو أرض غير عدائية، فلا هو دري ما الذي أصابه قبيل إغماضته الأخيرة، ولا هي تخيّلت يوماً أن استغاثاتها يمكن أن تلقى مثل هذا الصدّ الأعمى، كل ذلك لا يخفي حقيقة سوداء مفزعة، صافعة وممضّة: تراجع الإنسانية، تلاشيها وموتها، تراجع الضمير، انقراضه واحتضاره، تلك هي الكارثة الحقيقية، العميقة والمتكررة، التي بات العالم يختزنها ويتعايش معها على أنها طبيعية، أو كما لو أن هناك دائماً بشراً زائدين ولا مكان لهم.
قسوة الشتاء دهمت مخيّمات اللاجئين السوريين في لبنان، اجتاحتها الثلوج والأمطار، وحرمتها حتى أبسط صنوف الرعاية التي تنبغي الإشارة إلى أنها كانت دائماً دولية، لكنها تراجعت تدريجياً في الآونة الأخيرة، إمّا لقلة الموارد أو لمضايقات من سلطات محلية لم تكن يوماً مرحّبة، وأصبحت أخيراً طاردة، شعر اللاجئون المتروكون لمصيرهم بأن هناك من يريد هلاكهم، وهم تمنوا الموت على هذه المعاناة مع الصقيع، لماذا لا يعودون إلى سوريا؟ لأن النظام لا يريدهم، مثلهم مثل أولئك في مخيم الركبان في عراء الصحراء داخل سوريا، ولأنهم مُعدمون فبين العودة غير المتاحة والقليل المتوفر من الرعاية الدولية لا يبدو الخيار صعباً.
لا يختلف الوضع كثيراً في مخيمات ليسبوس في اليونان، حيث المعرّضون للخطر مهملون، ولا تكفي جهود المنظمات الإغاثية وإمكاناتها لتعويضهم نقص الرعاية الطبية، أطفال بلا أهل، معوّقون، رجال ونساء يعانون من آثار التعذيب في السجون، مرضى ساءت أحوالهم، نساء حوامل، نساء فقدن رجالهن ومعهن أطفال، وجدوا أنفسهم عالقين في تلك المخيمات بلا أي أمل في مستقبل، فالأرض «المضيفة» لا تريدهم ولا تفتح لهم أية خيارات، كل الشاطئ الجنوبي لأوروبا صار الآن منطقة محرّمة، فـ «الأبواب مغلقة وستبقى مغلقة» و»لن يدخل أحد، هذا هو النهج المتّبع ولن يتغير»، وفقاً لماثيو سالفيني وزير الداخلية الإيطالي، الذي تصاعدت شعبيته لأنه أوصد الأبواب، واستلزم الأمر أكثر من نداء من البابا فرنسيس كي تقبل مالطا أخيراً إيواء بضع عشرات من اللاجئين، بعد أسابيع انتظار في البحر، لكن مع تحذير المنظمات الإغاثية بأن بادرة الرأفة هذه ستكون الأخيرة.
مع شبه الحرب على حدود المكسيك، وإلحاح دونالد ترمب على إقامة جدار عازل، مع الإعادة القسرية للاجئي الروهينجا إلى ميانمار التي هجّرتهم ولا تريدهم، مع ما يتكشّف عن التنكيل بالإيجور في الصين، واللائحة تطول، هناك من يقول للناس: موتوا، لا أحد يهتم. لم يسبق أن كانت فسحة الإنسانية بهذا الضيق، أو كان الضمير الإنساني على هذا النحو من الانحطاط، لا، ليست الحروب ولا الضائقة الاقتصادية، ولا صعود النعرات القومية ما يصنع هذه المآسي فحسب، ينبغي النظر أيضاً إلى العقول السياسية وما تجترحه من سياسات انغلاقية، أكثر من أي وقت مضى تتقارب مصالح وتضيق الفوارق بين الديمقراطيات والديكتاتوريات، وحين تتعايش حكومات ديمقراطية مع حكام مستبدين وفاسدين، بل ترشوهم بحماية بقائهم في السلطة، فلأنهم يستطيعون القتل بالنيابة عنها.