أحدث الأخبار
  • 02:24 . ‫احترس.. هذه العوامل ترفع خطر تضخم البواسير... المزيد
  • 02:07 . إصابة ثلاثة مستوطنين بإطلاق نار على حافلة بأريحا والاحتلال يغلق المدينة... المزيد
  • 01:32 . الجيش الأميركي يعلن تدمير أربع مسيّرات حوثية فوق البحر الأحمر... المزيد
  • 01:28 . حاكم الشارقة يطلق المرحلة الثانية من موسوعة التفسير البلاغي وأولى موسوعات مناهج إفراد... المزيد
  • 01:00 . "الوطني الاتحادي" يعتمد توصية بضوابط موحدة للإعلانات الغذائية الإلكترونية... المزيد
  • 12:22 . مساهمو "أدنوك للتوزيع" يعتمدون سياسة جديدة لتوزيع الأرباح... المزيد
  • 12:19 . "طاقة" و"جيرا" اليابانية تتعاونان لتطوير محطة كهرباء بالسعودية... المزيد
  • 05:50 . سخط إماراتي ومقاطعة لسلسلة مطاعم بعد مشاركة مالكتها مقطع فيديو مؤيد للاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 05:02 . محتالون يخدعون المستثمرين بملايين الدراهم بانتحالهم صفة شركة وساطة كبرى... المزيد
  • 04:44 . 155 ألف أصل سيبراني ضعيف.. الهجمات السيبرانية تقلق الشركات في الإمارات... المزيد
  • 04:32 . عقوبات أمريكية ضد كوريا الشمالية تستهدف شركة مقرها الإمارات... المزيد
  • 04:20 . حكومة الشارقة تنفي إشاعة تغيير بالأذان وتؤكد عدم السماح بالمساس في الثوابت الدينية... المزيد
  • 04:15 . لماذا يعزف الشباب الإماراتي عن إمامة المساجد؟... المزيد
  • 04:15 . في إساءة للدولة.. إعلام أبوظبي ينشر مقارنة بين "مجاعة غزة" و"تطور الخليج"... المزيد
  • 12:21 . الإمارات تعلن إسقاط 90 طناً من المساعدات على شمال غزة... المزيد
  • 10:54 . "أدنوك" تنتج أول كمية نفط خام من منطقة "بلبازيم" البحرية... المزيد

مسؤولية تركيا نحو القدس

الكـاتب : محمد زاهد جول
تاريخ الخبر: 09-12-2017

وصف البعض الموقف التركي بأنه كان من أقوى المواقف الدولية الرافضة لقرار الرئيس الأمريكي ترامب حول نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، واعتبارها عاصمة دولة إسرائيل.
وقد تحدد هذا الموقف التركي بعدة خطوات بيَّنها الرئيس التركي أردوغان في خطابه أمام نواب حزب العدالة والتنمية في البرلمان التركي، فقال يوم 5/12/2017 : «إن بلاده سوف تقدم على سلسلة خطوات في حال إعلان الولايات المتحدة الأمريكية نقل سفارتها في إسرائيل إلى مدينة القدس المحتلة، أو الاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل»، وفي اليوم التالي 6 ديسمبر وقع الرئيس الأمريكي ترامب قراره بنقل السفارة إلى القدس، فما هي الخطوات التي يمكن ان تقوم بها تركيا بعد ذلك، علماً بأن الخطوات التي أعلنها أردوغان كانت:
1 ـ توجيه تحذير إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من عواقب هذه الخطوة حيث صرح: «أقول للسيد ترامب: القدس خط أحمر بالنسبة للمسلمين».
2 ـ التوجه إلى المجتمع الدولي، باعتبار أن هذه الخطوة تأتي قبل حل القضية الفلسطينية، وفي وقت لا يزال الشعب الفلسطيني في حالة معاناة، فقال: «بينما يستمر نزيف دم الشعب الفلسطيني، ويتواصل انتهاك حقوق الإنسان والحريات هناك»، ومن هنا فإنّ اتخاذها: «لا يعتبر انتهاكاً للقوانين الدولية فحسب، بل يعدّ طعنة كبيرة لوجدان الإنسانية».
3 ـ بما أن تركيا رئيسة الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي، فإن الرئاسة التركية سوف تتابع هذه المسألة إلى النهاية، وفي حال تمّ الإقدام على تنفيذ هذه الخطوة، ستدعو «زعماء دول المنظمة إلى اجتماع في إسطنبول، خلال مدة أقصاها 10 أيام»، وقد أعلن عن الدعوة إلى مؤتمر قمة لمنظمة التعاون الاسلامي يوم الأربعاء المقبل.
4 ـ تركيا لن تكتفي بدعوة زعماء منظمة التعاون الإسلامي إلى اجتماع بهذا الشأن، بل ستقوم «بتحريك العالم الإسلامي عبر تنظيم فعاليات مهمة خلال الاجتماع، لأن هذه الحادثة ليست عادية بالنسبة للفلسطينيين والعرب والمسلمين عموما.
5 ـ وستمضي قدما في مواجهة هذه الخطوة المتوقعة، وقد تصل إلى «قطع علاقاتنا الدبلوماسية مع إسرائيل».
فالموقف التركي حاسم، وعندما يلوّح الرئيس التركي أردوغان بقطع علاقات بلاده مع إسرائيل، فهذا تابع لتحذيره نظيره الأمريكي من أن القدس خط أحمر للمسلمين، فإذا كان هدف ترامب أن يطوي صفحة القدس من ملف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، فإن النتائج يمكن أن تكون عكسية، إذا أقدمت الدول العربية والاسلامية على قطع علاقاتها السياسية مع إسرائيل، وهذا التهديد التركي بقطع العلاقات مع إسرائيل هو فتح باب للدول العربية والاسلامية لتدارس هذا الأمر، لأن الخطوة الأمريكية خطأ جسيم، كما وصفها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، وبالتالي فإن تركيا تريد من الدول الاسلامية أن تبحث الخطوات التي تعكس نتائج أهداف ترامب، خسارة وندما، فلا يحق لدولة مهما كانت قوتها أن تقرر مستقبل الشعوب الأخرى، فقضية فلسطين ليست من المسائل التي تقررها الادارة الأمريكية، ولا الكونغرس الأمريكي ولا الكنيست الاسرائيلي، طالما أن القضية لا تزال طي التباحث والتفاوض بين أطراف الصراع.
ما يؤيد قوة الموقف التركي أن ترامب انفرد بهذا القرار الدولي وحده، فكافة المواقف الدولية ضد القرار الأمريكي، مما يعزز الموقف التركي والعربي والاسلامي، فالقرار الأمريكي ضد القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن طوال سبعة عقود حول القضية الفلسطينية، وهذا خروج أمريكي على القانون الدولي، فيما يخص القضية الفلسطينية، وقد جاء موقف الأمم المتحدة حول القرار الأمريكي: أن تبقى القدس في موضوع التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي، لأنها من نقاط التفاوض ولا يجوز لأحد حسمها بدون تفاوض، وكذلك جاء موقف رئيسة الوزراء البريطانية، والموقف البريطاني مهم جداً، لأن بريطانيا هي أكثر الدول في العالم معرفة بالقضية الفلسطينية، وهي صاحبة مشروع سايكس بيكو مع فرنسا، وهي دولة الانتداب على فلسطين ووعد بلفور منذ عام 1917، وكان موقفها اليوم: «إن القدس عاصمة مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين يتحدد مصيرها عبر التفاوض في إطار تسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل، وإنه يجب أن تكون هناك دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للاستمرار في إطار حل الدولتين، مؤكدة أنها ستبحث الأمر مع ترامب»، والمواقف الدولية الأخرى كلها ضد القرار، سواء في موسكو أو بكين أو برلين أو باريس أو استراليا أو الهند او غيرها.
ومن المواقف المهمة موقف الفاتيكان نفسه، بحكم أن القدس تحتوي على مقدسات مسيحية، وللقدس مكانة كبرى لدى المسيحيين في فلسطين وفي كل العالم، ولذلك دعا بابا الفاتيكان فرانسيس إلى احترام الوضع القائم في القدس، قائلاً:» إن أي توتر جديد في الشرق الأوسط سيلهب صراعات في العالم».
هذه المواقف واضحة في رفضها للقرار الأمريكي، ولكن وبالنظر إلى ردود الفعل الدولية العربية والاسلامية فإن مواقفها غير كافية، فمن يؤخذ منه أعز ما يملك، ينبغي ألا يقف عند حدود التحذير من عواقب الأمور، بل ينبغي أن يتخذ قرارات حاسمة بالتهديد بتجميد العلاقات الدبلوماسية مع أمريكا نفسها، فالرئيس الأمريكي عندما يتخذ مثل هذا القرار، بتجاوز حقوق الفلسطينيين والعرب والمسلمين في قضية مقدس، ويتذرع بشجاعته الشخصية، مقابل الرؤساء الأمريكيين السابقين، فإنما هو يستخف بمليار وسبعمئة مليون مسلم، بينما هو في الحقيقة يعالج مشاكله الداخلية، ويحاول التغطية الإعلامية على إمكانية تنحيته عن الرئاسة في أمريكا، بعد اكتشاف فضيحته مع روسيا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ولذلك يعمل لكسب اللوبي اليهودي إلى جانبه في الكونغرس الأمريكي، فالرئيس الأمريكي لم يتخذ القرار بسبب شجاعته، وإنما بسبب ضعفه في أمريكا، وبسبب استخفافه بالرؤساء العرب والمسلمين، الذين تربطه بهم صداقة أو علاقات وثيقة، فعمل على حل أزمته الداخلية مع المؤسسات الأمريكية الحاكمة، بما فيها البنتاغون عن طريق توقيعه على هذا القرار.
وإذا قيل بأن هذا القرار في برنامجه الانتخابي، قبل أن تنكشف فضائحه ومشاكله الداخلية بعد توليه البيت الأبيض، فيقال إن من برامج دعوته الانتخابية إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، ولكنه عجز عن ذلك، بل تراجع عن مواجهة إيران بنفسه، واخذ يطالب الدول العربية أن تقوم هي بمواجهة إيران وميليشياتها في المنطقة، وهذا يعني أن ترامب يخضع حين يجد من يقف في وجهه، ويستأسد حين لا يقف في وجهه أحد، ولذا يمكن القول، بكل أسف، لو أن ترامب وجد من الرؤساء والملوك العرب والمسلمين صرامة وجدية، منذ أن اعلن عن ذلك في حملته الانتخابية، لما وصلنا إلى هذه النتيجة هذه الأيام.
لقد دعا أردوغان في المؤتمر الصحافي الذي عقد بينه وبين ملك الأردن عبدالله الثاني قائلا: «أريد التوجه بهذه الدعوة للعالم بأسره، يجب الابتعاد عن أي خطوة من شأنها تغيير الصفة القانونية للقدس المؤكدة بقرارات الأمم المتحدة، ولا يحق لأحد أن يتحكم بمصائر ملايين الناس إرضاء لأهوائه الشخصية، فخطوة كهذه لن تخدم سوى المنظمات الإرهابية». هذه الحقيقة تقول بأن قرار ترامب هو مجرد هوى شخصي لا أكثر، فهو لم يعتمد على أي حجة قانونية، وقول ترامب بأن من حق اسرائيل ان تكون حرة باختيار مكان عاصمتها، غير صحيح، لأن القدس أصلا ليست أرضا إسرائيلية، فهل يحق لإسرائيل أن تختار عاصمتها في إحدى الولايات الأمريكية أو المدن الأوروبية، فإذا كان ترامب لا يدرك بأن القدس لا تزال في مرحلة التفاوض، فإن ذلك مصيبة فعلاً، فكيف أصبح رئيس أكبر دولة في العالم، وهو لا يعرف ان القدس في مرحلة التفاوض، وأنها بالنسبة للفلسطينيين والعرب والمسلمين الشرف والقضية المشتركة، وهي خطنا الأحمر، لذا فإن التعامل الاسرائيلي اللاحق على هذه الخطوة هو الذي ينبغي معالجته من قبل الرئاسة الفلسطينية والدول العربية والدول الاسلامية، فبناء إسرائيل أي خطوة على القرار الأمريكي، هو الذي ينبغي أن تتم مواجهته أيضاً، لأن الحكومة الإسرائيلية تدرك فعلا أن ترامب تجاوز حدوده القانونية والرئاسية، وهي كدولة شريكة في عملية التفاوض والسلام، كما تدعي، لا تملك أن تحول القرار الأمريكي الخاطئ إلى نتيجة نهائية مع الفلسطينيين بشأن القدس.
إن مسؤولية تركيا وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي هي التأكيد على رفض القرار الأمريكي المخالف للقانون الدولي أولا، ومطالبة الدولة الإسرائيلية بعدم اتخاذ أي خطوة، معتمدة على قرار ترامب بشأن القدس ثانيا، كما أن مسؤولية تركيا والرؤساء العرب والمسلمين والمنظمات الدولية التابعة لهم اتخاذ الخطوات التي تحاسب الرئيس الأمريكي ترامب دوليا على هذه الخطوة الخاطئة، فمجلس الأمن مطالب أن يردع ترامب عن قراره المخالف لقرارات مجلس الأمن بهذا الخصوص، فمجرد هوس شخصي لرئيس أمريكا لا يملك أن يغير مصير القضية الفلسطينية، وإلا فإن الخيار الأخير أن تتحمل إسرائيل وأمريكا عواقب ذلك من النواحي السياسية والدبلوماسية والدولية والاقتصادية وغيرها.